ميسون أبو بكر
يا الله كم عدد المشاهير الذين صنعتهم السوشيال ميديا (social media) أو أولئك في القنوات التلفزيونية كعدد شعر الرأس (بشرط رأس غير أصلع)، ولا أعني هنا الإعلاميين بكل ما تحتويه هذه المفردة من عمق بمفهوم الإعلامي المحترف، بل مقدمي البرامج وأسميهم المؤدين لأن بعضهم بلا ثقافة ولا يقدم سوى ما يقرأه عن ورقة أعدها معد مسبقا دون أن يكون للمذيع دور فيها.
الحظ يلعب لعبته مع البعض فتكثر أسهمه، والجمهور هو الذي يسهم في إعطائهم شهرة قد لا يستحقونها، يقول أحدهم أنا (خاق) بفلانة وهذا نتيجة دلع أو جمال رباني أو جمال صنعته غرف عمليات التجميل التي لا تبقي ولا تذر شيئا من واقع المشهور الذي حولته لإنسان (عفوا) إلى دمية تشبه أحد مشاهير الفن أو التمثيل.
في النهاية لدينا مشاهير أستطيع أن أقول الآن بعدد نصف البشر على الكرة الأرضية، وهذا جعل من الواقع واقعا مريرا وسفه الكثير من القيم والأمور، وفي كل مناسبة تجد عددا من المشاهير يستقبلون استقبال الأبطال، وتتم دعوتهم أكثر من الإعلاميين الحقيقيين أصحاب المحتوى وتخرج في نهاية الأمر بعدد من الفلاشات والسنابات الدعائية التي لا تهتم إلا بالقشور وسرعان ما تطير في اليوم الثاني دون محتوى بل الآلاف ممن وقعوا بشراك منتوجاتهم الدعائية التي تغرر بالمستهلك المسكين المتعلق بالمشاهير وما تمتلئ به سناباتهم من غث وليس فيها سمين.
خبرتني امرأة اشترت زيت عرضته إحدى المشاهير في سنابها وبدل أن يكون هذا الزيت سحري يمنحها بشرة سحرية فقد ابتلت بنوع من الحساسية شوه وجهها وجعله كأرض من الحفريات (هذا نموذج بسيط جدا). بعض هؤلاء المشاهير جعلوا من الجمهور سلالم لهم ولبطولاتهم، الجمهور صنع أبطالا بمفاهيم أخرى للبطولة ليست بسبب أياديهم البيضاء أو لأن لهم تأثيرا مجتمعيا مفيدا أو لأنهم نماذج مشرفة للشباب والفتيات، بل أمور أخرى صنعت الشهرة واستغلت سذاجة المجتمع.
كتبت إحدى سيدات المجتمع تقول «أفكر في زمن التيه الذي نحن فيه باستثناء الصادقين منه، فهناك مجاهدات حقيقيات ولسن حملة فقاعات عشوائية، منهن الأسيرة العربية الفلسطينية شيرين العيسائي وعهد الطفلة التي واجهت الاحتلال بصدر عاري وشجاعة منقطعة النظير: اسألوا كيف قضين ليالي البرد القارص في سجن الاحتلال تحت وطأة التعذيب والخوف على العرض، محرومات حتى من الهواء النقي ومما يطيب به العيش في حضن العائلة الممنوعة من زيارتها، ولم تصدح بقصصهن وبطولاتهن وسائل التواصل التي عظمت غيرهن من المشاهير اللاتي أخذن دور البطولة الزائفة نتيجة تغريدات فارغة اعتلين من خلالها أكتاف الشهرة والتبجيل وأوسمة بطولة لا تستحقنها، فلم يتسابق أحد من أولئك السذج لأخبار تلك الأسيرات ومعاناة البطلات الحقيقيات وما هبّ أحد لنصرة الأسرى، وتختم قولها: هم الأحرار ونحن الأسرى، أسرى للتخلف ولمشاهير الغفلة والفقاعات الهوائية الفارغة».
حملة تبليك المشاهير هي مقنعة لأن المجتمع انقاد لفقاعات فضائية تسببت بخلل كبير وتقليد أعمى وحضور رهيب لفعاليات تحتفي بأولئك السنابيين أكثر من نجوم الإعلام الحقيقيين، ولا أعمم هنا حيث إن منهم من خدم مجتمعه وكرم بجائزة الإعلام الجديد التي أطلقتها وزارة الثقافة والإعلام قبل أيام.