زكية إبراهيم الحجي
الظاهرة الانتفاضية ظاهرة قديمة قدم وجود الإنسان على الأرض عرفتها التجمعات البشرية البدائية وارتبط ظهورها بتعرض التجمعات للظلم والاستبداد من جماعات أخرى أقوى نفوذاً وسيطرة أملاً في الوصول إلى حالة تنعم فيها بالحياة الكريمة.. وبالعودة إلى كتب التاريخ نقرأ ما يشير بأن كثيراً من الثورات والانتفاضات التي حدثت في غابر الأزمان وعلى مر التاريخ البشري لم تكن انطلاقة شرارتها تحت مظلة العفوية.. فمنها ما كان حصاد تخطيط مسبق وضمن أطر معينة ومنها ما كان بين قطبين متضادين في دولة واحدة أدى لصراع على سلطة.. ومنها ما يمثل انتفاضات جماهيرية ضد عدو والنموذج الفلسطيني يمثل هذا النوع من الانتفاضات.. إلخ
المشهد ليس فيلماً يُعرض على شاشات العرض وليس مسرحية يحتشد لها جمهور المسرحيات ويصفق لأبطالها.. المشهد سيناريو مرعب من إيران.. إيران التي عاثت بإرهابها المنطقة العربية وتجاوزت سياستها كل المواثيق الدولية بتدخلاتها في شؤون الدول العربية ودعمها لحزب الله اللبناني وميليشيات الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق والخلايا الإرهابية في البحرين وغيرهم استيقظت على براكين انتفاضة شعبية عفوية ضد الفقر والجوع والظلم والاستبداد.. ثورة جياع تصرخ مطالبة برغيف خبز وتنادي بالتفاتة إلى واقع حياة الشعب الذي يعاني البؤس والفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية وتدهور الأحوال الاقتصادية منذ أربعة عقود.. صرخة عفوية انطلقت من حناجر ملايين المحتجين من الشعب الإيراني ضد طغمة أمعنت في الفساد وتمويل الإرهاب وما تبعه من سياسات تخولهم لتحقيق أحلام زائفة ألا وهو المشروع التوسعي والهيمنة الفارسية على المنطقة.
ورغم القمع الذي تمارسه إيران ضد المحتجين إلا أن انتفاضتهم حتى ولو خفتت قليلاً ستبقى قائمة ولن تهدأ فالأسباب الدافعة لها أعمق مما نتصوره.. وما يجري في إيران نتيجة طبيعية لتراكمات سياسية داخلية وخارجية وقرارات عبثية استمرت لعقود.. فبالعودة إلى ذاكرة التاريخ وتحديداً في سبعينات القرن الماضي.. قاد الخميني من منفاه بفرنسا ثورته ضد شاه إيران السابق عبر خطب نارية مسجلة على أشرطة كاسيت ويحرض من خلالها الشعب للانتفاضة والثورة ضد الحكم القائم آنذاك فسميت «ثورة الكاسيت».
الشعب الإيراني الذي نفد صبره من أحلام الشاه لسنوات تصدوا بصدورهم العارية لقوة الجيش ورجالات السافاك المتخصصين في قمع واغتيال المعارضين لشاه إيران ومع ذلك انتصرت الثورة وأُطيح بالشاة.. وحل الخميني رأس الفتنة والخراب معتلياً عرش إيران ومن بعده خامنئي ممول الإرهاب وناشر الدمار والخراب وقاتل الأبرياء ووقع شعبه ضحية أحلام توسعية استنزفت ثروة الشعب في أعمال إرهابية وتدخلات في السياسات الداخلية لدول المنطقة إلى أن وصل الشعب الإيراني ليقول كفى خداعاً وكذباً وظلماً وهدراً لأموالنا أيها الديكتاتور.. السقوط لك أيها الطاغية.