ماجدة السويِّح
أحسنت هيئة الغذاء والدواء في متابعة ما يعرض على منصات التواصل الاجتماعي من إعلانات كاذبة ومضللة، تستهدف جيوب المستهلك، الذي سخر نفسه وحسابه للتكسب على حساب صحة الناس، كما أحسنت صنعاً في التصدي والملاحقة القانونية لإعلانات الضلال التي انتشرت انتشاراً كبيراً بين المشاهير، في غياب تام للتنظيم الإعلامي والإعلاني للمحتوى عبر السوشيال ميديا، فبعد الإعلان عن الماء المعجزة في الشفاء من الأمراض من قبل إحدى المشهورات على منصات التواصل الاجتماعي، تبرأت شركة المياه من المعلومات المضللة التي أوردتها المعلنة لمتابعيها عبر حسابها الشخصي على الانستقرام.
الحملة على مقاطعة حسابات المشاهير التي شنها ناشطون تزامنت مع غلاء المعيشة، وتأثر عدد كبير من المتابعين بإعلانات الوهم والنصب من قبل بعض المشاهير الذي سخر حسابه لتسويق الكذب وخداع الناس.
لكن البعض استغل الحملة في تصفية حسابات شخصية عبر التشهير، وتعميم فكرة الإعلانات المضللة وصنع المحتوى التافه غير الهادف على كل المشاهير، وهذا ينافي الواقع، فكم من مشهور سخر وقته وحسابه لخدمة مجتمعه ولايصال رسالة هادفة، بعيدا عن التنافس الممل للمشاهير باستعراض حياتهم الشخصية، سفارتهم، وحياتهم المرفهة القائمة على المستهلك المسكين والشركات التي تريد الوصول لأكبر عدد ممكن من الجمهور.
تضليل وخداع المتابعين مسؤولية يتشارك فيها كل من المشهور والمعلن ووزارة الإعلام، والحقيقة أن التنظيم لإعلانات الشبكات الاجتماعية غائب في السعودية وفي جميع الدول الخليجية، والتحركات والاجتهادات كانت من نصيب وزارة التجارة وحماية المستهلك أولا، تلتها الهيئة العامة للغذاء والدواء.
في الولايات المتحدة الأمريكية واجهت شركة «ماشينيما» وهي شبكة عالمية على اليوتيوب تختص بالألعاب الإلكترونية عام 2015 دعوى قضائية من لجنة التجارة الاتحادية وهي الوكالة المختصة بحماية المستهلكين، لنشرها إعلانات مضللة وخادعة، من خلال توظيف مشاهير الشبكات الاجتماعية، للإعلان عن ألعاب دون الإفصاح عن دفعهم قيمة هذا الإعلان والتظاهر بالموضوعية من قبل المعلن حين عرض تلك المواد المدفوعة، وهو ما يخل بالتنظيم الإعلاني في الشبكات الاجتماعية.
وفي المملكة المتحدة يخضع المشاهير لقوانين وتنظيم هيئة معايير الإعلان لمدوني الفيديو والقواعد الأساسية في الإعلان، عبر الإفصاح بأن هذا المحتوى إعلان أو برعاية شركة معينة، تفاديا لانتهاك القانون الذي ينظم العملية الإعلانية في السوشيال ميديا.
متابعة الإعلانات والمحتوى العائم والمبهم في حسابات المشاهير، والذي لا يفصح صاحب الحساب عن ماهيته، يحتاج اليوم لوقفة رسمية، لتنظيم الفوضى والخداع المتعمد لكسب أكبر عدد من المعلنين عبر الزيادة الوهمية لعدد المتابعين، أو تسويق المنتج أو الخدمة بالكذب والخداع.
عدم الشفافية والإفصاح عن المحتوى المعروض يعرض صاحبه في نهاية المطاف للإضرار بسمعته، والثقة بما يقدمه، فكم من مؤثر كان «نجما» فهوى» ،لذا على المؤثر ان يتحمل مسؤولية أكبر في معرفة أبجديات وأخلاقيات العمل الإعلاني.
وأخيرا.. على وزارة الثقافة الإعلام العمل على تنظيم الفوضى الإعلانية وإلزام أصحاب الحسابات المليونية وغيرهم بالافصاح عن محتواهم، ونشر أخلاقيات العمل بين المشاهير، فالصدق والشفافية في التعامل مع الجمهور هما ما يميز المشهور ويكسبه الثقة في الشبكات الاجتماعية.