مها محمد الشريف
عام جديد يدلف إليه العالم وسلة اقتصاداته مثقلة بالأزمات ومحاطة بالمتغيرات المختلفة التي تمس بصورة مباشرة مقوماته الأساسية أصابت بعض دوله بهزات عنيفة في العام المنصرم وخرجت جراءها دول أخرى من تكتلات اقتصادية كبيرة والعالم اليوم لا يملك سوى الاستمرار في مواكبة هذه التغييرات، ومراقب المشهد في عامه الجديد يدرك أثر تداخل المفاهيم وتشعب النظريات والفوارق التي لا حصر لها بين الدول، ولسنا في هذا الصدد بحاجة إلى تأكيد دور المملكة في هذه المنظومة الاقتصادية، ولن تكون في العام الجديد بمنأى عن دورها العالمي المعروف والبالغ الأهمية.
أما دورها المحلي؛ فالمواطن يمثل محور عناية القيادة السعودية ومنطلق حرصها ومن أجله تعتني بتذليل الصعوبات الاقتصادية، والرؤية ذاتها تجسدت في طبيعة الأوامر الملكية الكريمة التي تدعم المواطنين الأقل دخلاً وتكافئ المرابطين في حدها الجنوبي والمتقاعدين والطلاب ومستفيدي الضمان الاجتماعي.
و طرح كيفية النجاح في تحقيق نمو اقتصادي بعد انكماش متوقع في العام 2017 تزامنا مع تراجع أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس في المملكة، فإذا قلنا تسويات تتفوق على الأزمات مقارنة بمستويات 2014، نكون منصفين قبل أن نذكر زيادة الرسوم على الشركات والعمالة الوافدة قد تترك أثرا على القطاع الخاص، و الحكومة تعمل من أجل نمو اقتصاد محلي بنسبة 2.7 بالمائة، مقارنة بمعدل نمو سالب (انكماش) يبلغ 0.5 بالمائة للعام الجاري، جراء انخفاض الإنتاج النفطي.
وتوقعت الحكومة السعودية أن يرتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بنسبة 5.7 بالمائة في 2018، مع تحسن النشاط الاقتصادي وتطبيق بعض التدابير الإيرادية وتصحيح أسعار الطاقة، حيث بدأت المملكة في يوليو/ تموز الماضي، فرض ضريبة انتقائية على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بنسب بين 50% و100%، فيما بدأت هذا العام 2018 بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على أغلب السلع والخدمات.
وكما ثمة قرارات استطاعت أن تنجح بها الدولة كان من ضمنها «حساب المواطن» الذي أكد الأمير محمد بن سلمان، في تصريحات سابقة، استمراره بهدف تعويض المواطنين الأقل دخلاً عن أي ارتفاع في الأسعار، والذي أودع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ملياري ريال في حسابات المستحقين، كدفعة أولى.
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حزمة من الأوامر الملكية، تضمنت صرف العلاوة السنوية للمواطنين من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين للسنة المالية ( 1439/ 1440هـ ) اعتباراً من 14-4-1439هـ الموافق 1-1-2018م، بالإضافة إلى صرف بدل غلاء معيشة شهري قدره ألف ريال للمواطنيين من الموظفين المدنيين والعسكريين لمدة سنة.
غالبا ما تعتبرالأزمات الاقتصادية عائقا أمام التسويات، ولكن حكومتنا الرشيدة أتاحت للمواطن فرصا كبيرة لإيجاد حلول للبطالة فكان توطين العديد من القطاعات الاقتصادية يهدف لخفض نسب البطالة، والسعي عبر «التحول الوطني» إلى توفير450 ألف وظيفة للسعوديين بحلول 2020. أما استقرار النفط فهو من الحلول المنتظرة وسيكون عاملا مؤثرا لمواجهة التحديات، واتفاقية خفض الإنتاج تساعد على تحقيق استقرار السوق، ما يدعم وضع الاقتصاد السعودي خلال 2018، في ظل توقعات للنفط بين 60 و63 دولارا للبرميل واتفاق بخفض الإنتاج في أوبك بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، لمدة 6 شهور، ثم تم التمديد له حتى نهاية مارس/ آذار 2018.
بهذا المعنى، فإن حضورالدولة المؤثر حقق توازنا مهما في تقليص العجز ولم تتوقف عن دعم المواطن كونه شريكا في التنمية ومرتبطة حياته بجميع تفاصيلها بالوطن، وأكدت ذلك الأوامر الملكية وجميع الأهداف والتحولات لصالحه، وبهذا التعاون والمشاركة والحب والولاء تنهض الشعوب والأوطان.