سعود عبدالعزيز الجنيدل
لم يدر في خلدي قطٌ أن أصل لهذا العدد من المقالات.
كما لم يخطر في بالي أن «شخبطات تويتر» ستوجد علاقة سرمدية بيني وبين القلم.
ولَم يطرأ في ذهني أن أكون كاتب رأي في صحيفة لها قاعدة جماهيرية عريضة، وتعد قامة لها ثقلها في عالم الصحافة.
لم أتصور أن ربان الصحافة المحلية والخليجية الأستاذ خالد المالك سيكون من يجيز مقالاتي، ويوافق على نشرها برفقة كتاب، وكاتبات لهم باع طويل في الكتابة.
في هذه الذكرى، ذكرى المقال المئة، صادفني، وخالجني شعور غريب، شعور لا أعرف كنهه، ولا أستطيع وصفه.
استحضرت كل عناوين المقالات السابقة التي أخذت من وقتي، وجهدي، وفكري.
استحضرتها واحدة واحدة، أتأمل ما دونته فيها، وما جادت به قريحتي.
استحضرتها لكي أسائلها؛ كيف استطعت إيجادك من العدم، كيف بدأتِ مثل فكرة صغيرة لم تخرج من مهدها، كيف كبرت، ونموت، لتصبحي فتية قوية، لتكوني مقالا ينشر في جريدة رسمية لها ثقلها الإعلامي، مثل جريدة الجزيرة!
راودتني أسئلة عديدة عند كتابة هذا المقال «المقال المئة»، كيف استطعت الوصول لهذا العدد من المقالات، التي نشرت جميعًا، كيف استحضرت الأفكار قبل الحروف والكلمات، كيف استطعت فعل كل ذلك، من أين لي هذه المقدرة؟
أسئلة حارت فيها الإجابات، وضاعت العبارات، وأثناء بحثي عن الإجابات، وجدت نفسي أسير في طريق أدهم، معتم، إن أخرجت يدي لم أكد أراها.
وفِي تلك الحالة رميت المنديل، ورفعت الراية البيضاء معلنا استسلامي، مع أني نادرًا ما أفعل.
وسبب ذلك عدم وجود جدوى من محاولة التصدي لكل تلك الأسئلة، وكأن الكاتب يدخل في حالة اتصال مع فكرته، ويغوص في أعماقها، ليستخرج كنوزها، وأهم أحجارها، لتظهر على شكل مقالٍ، مصفوف، ومرتب.
وهذا الحالة لا يستطيع الكاتب تذكر حيثياتها، أو تفاصيلها، يكفيه النظر لما خطته أنامله، ويفخر بذلك.
أستطيع القول وبكل فخر، أني وصلت «للمقال المئة»، بفضل الله أولا ثم بدعاء الوالدين، وقناعة المسؤولين، وهذه الأمور تحتم علي مضاعفة الجهد، والبذل، لكي أحقق ما أطمح له تحت ظلال هذا الوطن المعطاء، الذي أعطاني، كثيرًا، وينتظر منا رد الجزاء.
وعودًا على بدء، كنت قد كتبت في مقالاتي الأولى مقالا عنونته «لا تجسر الفصحاء تنشدها هنا»، صورت فيه حالي حين دخولي لهذه المنشأة المهيبة «جريدة الجزيرة»، وما اعتراني خلالها من رهبة، وخوف، كبيرين، وفي هذا المقال أستطيع أن أتمثل قول القائل:
إِنِّي أَمَرْتُكَ فَاصْدَعْ أَيُّهَا القَلَمُ
أَنَا الكَلامُ وَغَيرِي فِي الوُجُودِ فَمُ
وبإذن الله لي وقفة أخرى مع نفسي، أناقش فيها ذاتي، وأسائلها، قائلا: كيف استطعت الوصول للمقال الألف؟!