د. خالد عبدالله الخميس
السكيما schema أو المخطوطة هي سلسلة نمطية من الأفكار والقناعات المتصلبة عن الذات والحياة والآخرين، ولها مضمون وسيناريو موحد بحيث تثبت الشخصية على نمط من الخصائص المحددة. فسيناريو مخطوطة السوي بطبعها أفكار موزونة تُغلب منطق العقل على أي فكر انفعالي شاطح، أما سيناريو مخطوطة المكتئب فهي محكومة بأفكار اكتئابية شاطحة تجعل من المظلومية والدونية هي القائد لمسيرة أي هاجس ذهني، إنك عندما تكون في وضعية المكتئب فإن فكرك يتقلب على نحو يتماشى مع عنوان تلك المخطوطة ولذا تُصدق كل ما يصدر من تلك المخطوطة من أفكار تقود مزاجك على النحو المتكدر.
كذا مخطوطة القلق تتضمن تهديداً معمقاً للذات بحيث يختلق الذهن قصصا وخيالات تصب كلها في عنوان أن كل من الحياة والخطر هما أمران متلازمان.
إننا معاشر البشر محكومون بمخطوطاتنا بحسب مضامينها فإن كان مضمون مخطوطاتنا متعقل تعقلنا، وإن كان مضمونها منحرف انحرفنا.
ونحن حينما نسمع ونقرأ لتوجيهات وحكم وإرشادات جميلة، فإن معانيها تستهوينا ونظن عبثاً أن مجرد إعجابنا لها وقناعتنا اللحظية بها قد غيّرت من مضمون مخطوطتنا أو على الأقل عدلت عليها. ومن هنا نفهم لماذا لا نتغير على النحو الذي نريد رغم سماعنا لحكم وإرشادات بديعة، ولماذا لا نكون على الخصائص الشخصية النفسية التي نريد ولماذا يبقى السوي سوياً والمضرب مضطرباً والكريم كريماً والبخيل بخيلاً والجبان جباناً والشجاع شجاعاً والمكتئب مكتئباً والمهووس مهووساً، ولماذا تصدق مقولة «الطبع يغلب التطبع».
أحياناً نصادف في حياتنا بمواقف قوية ونستجيب لها بدرجة عالية من التردد تفوق مما عليه قوة وتردد المخطوطة الأصلية مما يدفع بتغير المخطوطة الأصلية أو الإضافة عليها. وربما كان التغير للأحسن أو الأسوأ بحسب طبيعة الموقف وأسلوب التفاعل والتعاطي معه.
ويؤكد على هذا نهج الاستعرافيين الذين يقولون بإمكانية تعديل المخطوطات من خلال حزم من التكنيكات أهمها سجل الأفكار (عند بك Beck) وكذا الأفكار العقلانية عند أليس Ellis.
ومما لا شك فيه أن هنالك كتبا عديدة في العلاج المعرفي أذكر منها بالعربي كتاب مترجم بعنوان «العقل فوق العاطفة لباديسكي» وكتاب «المرشد في العلاج الاستعرافي السلوكي للمحارب».
ومع هذا فإنه يصعب تغيير المخطوطة بمجرد قراءة هذه الكتب المختصة، لأنك حينما تقرأها تكون مخطوطتك الداخلية هي من تقرأ معك وهي من ترد على أي فكرة تضاد محتواها، ولذا كان من الضروري الاسترشاد بمختص نفسي.