أمل بنت فهد
عادة الرهان أن يكون محصوراً بين الربح والخسارة، قد تلعب معه الصدفة لعبة ما، وتتغير النتائج، لكنها في مرات قليلة تكاد تكون معدومة، والرهان الذكي ليس عشوائي، ولا يخضع للتكهنات، وإلا سيكون مجرد قمار، الرهان الذكي خطوة مصيرية حين تعلن عنها، فإنك تضع كامل ثقتك في نتيجة ما، أو شخص ما، وحين نقول مصيري، فإنه حتى الرهان على النفس قد يخسر، لكن يمكن أن يكون الرهان ذكياً أو عبثياً، حسب وضوح المؤشرات التي تدلك على النتيجة، وكذلك حسب استعدادك لتحمل الخسارة، بمعنى لديك خطة أخرى في حال خسرت رهانك، وهذه عادة الرهان، إلا في بعض الحالات، للرهان نتيجة واحدة، ولا يمكن زحزحته، ربح حتى وإن بدا غير ذلك، حتى وإن كانت الأمور غامضة، أو فوضوية، أو مشتتة، لأنها ليست كذلك فعلاً.
الرهان الذي لا تعرفه الخسارة، ولا يرضخ لهزيمة، الوطن، بكل مافيه، وكل مايحدث فيه، إنه ربح لا ينقطع، لأنه ليس رهان فقط، بل هو نتيجة نهائية، لا شيء يحدث بعدها، الوطن قضية الوجود، وقضية النبض، وقضية الإصرار، لا تنازل فيها، ولا تردد، مهما كانت الأوضاع، ومعنى الوطن، أن يكون إيمانك الذي لا تقبل فيه شك، ولا ريبة، هو جذر الحياة وأصلها، وما ينتج عنها مجرد فروع.
لذا يفوز المطمئن بقضية الوطن، مرتاح البال، لأنه يدرك يقيناً أن الوطنية تلزمك بأن تكون في صف وطنك، في المرض قبل الصحة، في الموت قبل الحياة، في الألم قبل المتعة. ونحن اليوم في السعودية نعيش فترة الترميم، والتخطيط، والبناء، كلها دفعة واحدة، ونعلم يقيناً أن العمل على ارتقاء الوطن ليس سهلاً، وليس سريعاً، وليس سحر ساحر، بل جهد مؤمن، وعبقرية عالم، وشجاعة جندي، وحكمة قيادة، يمكن للخطط أن تتغير، ويمكن للتحديات أن تظهر، ويمكن أن يظهر الأعداء في عباءة جديدة، باختصار يمكن لكل طارئ أن يحدث، لكن الأكيد والمؤكد، من أجل الوطن نحن هنا، وهناك، وتحت التراب، من أجله يكون الاستعداد حاضراً، والتضحية حاضرة، والعطاء كبيراً. الوطن اختبار دقيق لا يخطئ، يميز المخلص من الخائن، يميز الصابرين، يميز من له ثمن، ومن هو عصي على شراء الذمم. كن بخير ياوطني، نحن بك نعيش، ومن أجلك نموت.