«الجزيرة» - الاقتصاد:
يهدف برنامج إصلاح أسعار منتجات الطاقة - والذي أعلنت عنه الحكومة السعودية لهذا العام - إلى الحد من الإنفاق الحكومي والقيام بإصلاحات مالية لتوفير 209 مليار ريال وتحقيق التوازن المالي بحلول عام 2023، إضافة إلى تحسين الحوكمة في ظل أسعار النفط غير المستقرة. وعلى ضوء هذه التحديات ونتائجها، وكجزء من الإصلاح المالي، أطلقت الحكومة برامج التوازن المالي في فبراير 2017 لتحقيق هذا التوازن بحلول عام 2023 عبر تأمين الموارد المالية وزيادة الفعالية. ويستهدف برنامج التوازن المالي تعزيز الاستدامة والإيرادات الحكومية غير النفطية وزيادة وتوطين الرأسمال الوطني والنفقات التشغيلية، مع التركيز على الاحتياجات الأهم في المملكة وتبني سياسة الدعم الموجه إلى المستحقين من الموطنين، وتحفيز القطاع الخاص من خلال رفع كفاءة استغلال موارد الطاقة.
وقد كانت المملكة تدعم المنتجات النفطية من بنزين وكهرباء بأسعار مدعومة تقل عن أسعار التصدير التي تشتري بها الشركات العالمية. والفرق بين هذين السعرين (المحلي والعالمي) يمكن أن يسمى تكلفة فرصة برميل النفط أو ميزات الطاقة المقدمة للمستهلك المحلي. وقد سجل الدعم الحكومي في المملكة ارتفاعا إلى ما يقارب 300 مليار في عام 2015 طبقاً لأسعار الصادرات في ذلك العام. وفي نفس العام، بلغ الدعم المقدم لقطاع الكهرباء والمياه إلى 80 % من إجمالي ذلك الدعم؛ علما أنه كان سيزيد تلبية لازدياد الطلب المحلي وتدهور أسعار النفط العالمية. لا شك في أن هذه الأسعار المنخفضة أسهمت في شيوع أنماط استهلاك غير صحيحة في المملكة، نظراً للاعتماد الكبير محلياً على موارد غير متجددة كالنفط، إذ أن استهلاك مثل هذه الموارد بهذه الوتيرة المتسارعة لن يعزز بقاء هذه الموارد على المدى البعيد، لتستفيد منها الأجيال المقبلة. كما أن عدم تصحيح أسعار منتجات الطاقة محليا يؤدي إلى استنزافها وعدم استغلالها بالصورة الأمثل ويعيق التنويع الاقتصادي. ومن هنا، فإن إصلاح أسعارها محليا بات فرصة لتحسين استخدام الطاقة. ومع إطلاق برنامج إصلاح أسعار منتجات الطاقة، فإنه يتوقع أن يؤدي إلى وفورات في قطاع الطاقة والمياه تصل إلى 209 مليار ريال سنويا حتى العام 2020.
الأسس التي بنيت عليها الأسعار الجديدة
حسب الأهداف التي رسمها برنامج التوازن المالي، فقد تم استهداف ربط أسعار المنتجات محلياً بأسعار السوق العالمية، على أن يتم إعادة توزيع جزء من المبالغ الناتجة على المواطنين للتخفيف من أثر تصحيح الأسعار عن طريق حساب المواطن التي تقوم عليه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، كما تم تأسيس برنامج لدعم الصناعات المحلية والمحافظة على تنافسيتها. وفي تسائل حول دفع المواطن أسعار السوق العالمية في حين أن المملكة بلد منتج ومصدر للطاقة، نجد أن أسعار منتجات الطاقة في المملكة لا تزال منخفضة حتى بعد الإصلاح عند المقارنة بدول العالم الأخرى، وستستمر في كونها الأقل على مستوى دول العشرين G20، فسعر البنزين في المملكة مقارب للأسعار في بقية دول الخليج، ولا يزال أقل من معدل الأسعار عالمياً ومعدل الأسعار في دول العشرين، في حين أن سعر الكهرباء سيكون حوالي 35 % من معدل أسعار الكهرباء في دول العشرين بما فيها الدول المصدرة للنفط، مثل روسيا وكندا.. كما يجب ألا ننسى بأن الحكومة عملت على تخفيف أثر هذا التصحيح عن طريق حساب المواطن الذي تقوم عليه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
الفائدة المرجوة من
رفع أسعار الطاقة
إن تصحيح أسعار منتجات الطاقة هو جزء من برنامج التوازن المالي الذي تم تأسيسه لغرض تحسين الموقف المالي للمملكة. فيما يوجد لتصحيح أسعار الطاقة أربعة أهداف رئيسية، هي: تحسين الموقف المالي للمملكة والاستفادة من المبالغ الموفرة في تنمية الاقتصاد المحلي، خفض النمو المتسارع للاستهلاك وتحسين إنتاجية الطاقة في المملكة والمحافظة على الثروات للأجيال القادمة، وتوجيه الدعم للفئات المستهدفة من حساب المواطن وإعطاء المواطنين حرية الاختيار بالتصرف بالبدل النقدي للدعم عن أسعار الطاقة.
أثر رفع الأسعار على القطاع التجاري والصناعي
لن يكون هناك أي إصلاحات في أسعار الطاقة على القطاع الصناعي في الوقت الحالي، وسيكون إصلاح الأسعار على القطاع الصناعي متدرجاً على خلال سنوات متعددة، إلى جانب أن القطاع سيحظى بأحد أفضل أسعار الطاقة في العالم حتى بعد الإصلاح، مما سيستمر في إعطائهم ميزة تنافسية. كما يمكن للمستثمرين في القطاعين تخفيف الأثر الناتج عن إصلاح الأسعار من خلال خفض استهلاك الطاقة، عن طريق استبدال الأجهزة القديمة بأجهزة جديدة موفرة للطاقة، وتحسين ممارسات الاستهلاك، إضافةً إلى تحسين الكفاءة التشغيلية بشكل عام لتكون على المستويات الدولية. كذلك سيقدم صندوق التنمية الصناعية قروضاً ميسرة للشركات الصناعية لمساعدتهم في الوصول إلى ذلك، كما يتم العمل حالياً على تأسيس برنامج لدعم الصناعات والحفاظ على تنافسيتها. علما أن متوسط تكلفة الوقود الذي تستخدمه المصانع يختلف من وقود لآخر، ولن تتغير أسعار الوقود المستخدم في القطاع الصناعي باستثناء الديزل.
إنشاء اقتصاد أفضل وتوفير وظائف للمواطنين
يعد تصحيح أسعار منتجات الطاقة جزءا من برنامج التوازن المالي، ورؤية المملكة 2030، الذي تم تأسيسه لغرض تحسين الموقف المالي للمملكة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وبالتالي سيتم إعادة استثمار المبالغ الموفرة من الدعم في المملكة لغرض تنويع الاقتصاد المحلي، كالتوسع في قطاع الترفيه وقطاع الطاقة المتجددة وقطاع الخدمات اللوجستية وقطاع الصناعات التحويلية المتخصصة، مما سيوفر فرصا وظيفية جديدة للمواطنين.
مقارنة لأسعار الطاقة في المملكة ودول الخليج
تعتبر أسعار الطاقة في المملكة ليست الأعلى على مستوى دول الخليج، فمثلاً سعر البزين في المملكة مُقارب لسعر البنزين في الإمارات وعمان. فيما أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في الصناعة لا تزال أقل من الإمارات والكويت وعمان. وبالنسبة لأسعار الكهرباء فدول الخليج (مثل الإمارات والبحرين) لديها تعريفات مختلفة للمواطنين والوافدين، وتقدم الدعم لمواطنيها عن طريق خفض التعريفة للمواطنين، في حين رأت حكومة المملكة توجيه الدعم للفئات المستهدفة من المواطنين بشكل مباشر ونقدي عن طريق حساب المواطن، ليستفيد منها المواطن بالشكل الذي يريده. كما تعد أسعار البنزين في المملكة من الأقل في العالم، حيث بلغ بنزين 95 سعر 24 سنت أمريكي للتر، وبعد تصحيح كذلك تبقى الأسعار من أقل من نصف معدل الأسعار عالمياً. علما أنه تم رفع الأسعار بحيث يعكس استهلاك البنزين قيمته الحقيقية، ومع ذلك لا تزال الأسعار في المملكة مقاربة أو أقل من أسعار دول الخليج الأخرى. كما أن الدعم في السابق كان يصل لجميع المستهلكين بما في ذلك الوافدين وأصحاب الدخول العالية والشركات والمؤسسات والجهات الحكومية، وبالتالي جعلهم يستفيدون من الدعم بشكل مساوي أو أكبر من المواطنين المستهدفين بالدعم في المقام الأول، لذلك تم إعادة هيكلة الدعم بحيث يتم رفع الأسعار لمستويات السوق العالمية، ويعوض حساب المواطن الفئات المستهدفة بالدعم بشكلٍ مباشر.
أسعار الطاقة مستقبلا ومكافحة الاستغلال
يستهدف برنامج التوازن المالي ربط الأسعار المحلية بأسعار الأسواق العالمية، مما يعني بأن الأسعار المحلية ستكون مستقبلياً عرضة للارتفاع والانخفاض. أما بشأن ضمان عدم استغلال محطات الوقود لرفع سعر البنزين بأسعار مبالغ فيها مما يتسبب بضرر بالغ على المواطن بعد تحرير سعر هذا المنتج، فإنه سيكون السعر النهائي للبنزين محددا من قبل الحكومة، ويتم إعلانه للعامة، حتى بعد الربط بالأسعار الدولية، لذلك لا يوجد مجال للتلاعب بالأسعار من قبل المحطات أو الناقلين أو غيرهم. وعن رأي بعض الاقتصاديين بأن سعر البنزين قبل الرفع هو سعر تجاري ومربح في الأساس، هنا يجب القول إنه عند الحديث عن إصلاح الأسعار في المملكة، لا نتحدث عما إذا كان السعر الحالي للبنزين أقل من التكلفة الفعلية لإنتاجه، وإنما عن قيمة الفرصة البديلة، وتكلفة الفرصة البديلة هنا تكمن في القيمة الحقيقية لمنتج البنزين أو النفط الخام المستخدم في إنتاجه واستغلالها بما يعين على تعزيز تنمية الاقتصاد الوطني. ولذلك فالأجدى الاستفادة من القيمة الحقيقية لهذا المنتج في تطوير وتنمية اقتصادنا بشكل أفضل، مع توجيه الدعم إلى الفئات المستهدفة فقط.
القطاع السكني أعلى من القطاع التجاري
رأت الحكومة أن يكون الدعم بشكل مباشر للمواطنين عن طريق حساب المواطن، عوضاً عن تضمينه في تعريفة الكهرباء التي تستفيد منها الفئات المستهدفة بالدعم والفئات غير المستهدفة بالدعم (كأصحاب الدخول المرتفعة والوافدين). ولأن تعريفة الكهرباء للقطاع السكني كانت الأكثر دعماً من الحكومة، فقد شهدت الارتفاع الأكبر.
منع استيراد السيارات الكهربائية
تم إيقاف استيراد السيارات الكهربائية مؤقتاً من قبل هيئة المواصفات والمقاييس والجودة، وذلك لحين وضع المواصفات الفنية ومتطلبات السلامة المناسبة لوضع المملكة وأجوائها. وحتى إنهاء ذلك نجد في المقابل، لإيجاد بدائل للنقل، أن هناك عملا جاريا على قدم وساق لإنجاز مشاريع النقل العام بالرياض، فيما تم إعلان مشاريع النقل العام في جدة والمنطقة الشرقية، كما يتم العمل حالياً على إعداد مشاريع النقل العام لعدد من المدن الأخرى.
أهمية قطاع الطاقة في المملكة وكفاءته
ساهم قطاع الطاقة خلال 2016 بنحو 45 % من إجمالي الناتج المحلي تقريبًا. بال إضافة إلى ذلك، بلغ مجموع الوظائف في هذا القطاع أكثر من 600 ألف وظيفة يُشكل فيها السعوديين الجزء الأكبر. وتعمل المملكة الآن على تنويع مصادر عن طريق صندوق الاستثمارات العامة، حتى لا يكون اقتصادها عرضة للتقلبات مع أسعار النفط. وعن عدم الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة بشكل موسع في المملكة، نجد أن انخفاض أسعار منتجات النفط والغاز محلياً قبل التصحيح أدى إلى انخفاض جاذبية الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، والاعتماد على الوقود الأحفوري (النفط الخام والغاز الطبيعي) بشكل كامل في توفير الطاقة محلياً. وعلى الرغم ذلك، تسعى المملكة إلى إنشاء عددٍ من المشاريع لاستخدام مصادر الطاقة البديلة لإنتاج 9.5 غيغا واط من الكهرباء بحلول عام 2023 وفقاً لما جاء في رؤية المملكة 2030، لخفض استخدام النفط الخام في إنتاج الكهرباء والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة. ومن شأن عملية إصلاح الأسعار تعزيز الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، وجذب القطاع الخاص بشكل أكبر.
استهلاك المملكة من منتجات الطاقة
بلغ استهلاك المملكة من الطاقة 4.7 مليون برميل نفط مكافئ يومياً تتكون من منتجات عديدة، مثل الغاز الطبيعي، وسوائل الغاز، والبنزين، والكيروسين، والديزل، وزيت الوقود، والأسفلت وغيرها. وشهد إجمالي الطلب على الطاقة في المملكة وتيرة نموٍ سريعة للغاية، فاقت نسبتها 5 % سنوياً خلال الفترة 2005 - 2016 متجاوزةً بذلك معدل النمو السكاني ونمو إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها. لذا فإنه في حال استمرار النمو على نفس الوتيرة، فسيتخطى الطلب المحلي على الطاقة 8 ملايين برميل نفط مكافئ يومياً في عام 2030م، مما سيشكل أعباء اقتصادية كبيرة على الدولة. وهنا، تشير الدراسات إلى إمكانية خفض الاستهلاك المستقبلي بين 2 إلى 2.5 مليون برميل نفط مكافئ يومياً من خلال تحسين كفاءة استهلاك وإنتاج الطاقة وإصلاح أسعارها. وبشأن حصة الاستهلاك المحلي من الطاقة مقابل الإنتاج حالياً، وكثافة استهلاك الطاقة محلياً مقارنة بالدول الأخرى، نجد أن استهلاك المملكة من الطاقة يعادل نحو 35 % من إجمالي الإنتاج، ويشمل ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي ومشتقاتهما. وقد ارتفع استهلاك الطاقة في المملكة بوتيرة أسرع بكثير من نمو الناتج المحلي الحقيقي، حيث بلغ نمو كثافة استهلاك الطاقة على مدى الـ 15 عاماً الماضية 0.8 % سنوياً، مقارنة بانخفاض في أغلب دول العالم، بما في ذلك الدول النامية، وبهذا المستوى تحتل المملكة المرتبة الثانية في كثافة الطاقة على مستوى دول العشرين G20. وعلى سبيل المثال، الصين دولة صناعية كبيرة ذات نمو اقتصادي كبير، نما الطلب على الطاقة فيها بمعدل 5.3 % سنوياً، إلا أن كثافة استهلاك الطاقة انخفضت بمعدل 2 % سنوياً تقريبا على مدى السنوات الـ 15 الماضية. وتعد «كثافة استهلاك الطاقة» المقياس العالمي لمستوى إنتاجية الطاقة في بلدٍ أو قطاعٍ معين، وتمثل مدى الطاقة التي يتم استهلاكها لكل ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وكلما ارتفعت كثافة استهلاك الطاقة كانت دليلاً على انخفاض إنتاجية الطاقة. وعن نصيب الفرد من الطاقة في المملكة، ومقارتنه بالدول الأخرى، نجد أنه بحسب إحصائيات حديثة يبلغ نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في المملكة حالياً 55 برميل نفط مكافئ سنوياً، ويعد من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ يبلغ ضعف استهلاك الفرد في دول صناعية مثل ألمانيا وفرنسا واليابان. ولكن الأهم من ذلك هو أن استهلاك الفرد في المملكة مستمر فيالارتفاع بنسبة 2 % وهو ضعف المعدل العالمي البالغ 1 %.
استهلاك المملكة من البنزين مقارنة بالدول الأخرى
يبلغ استهلاك البنزين السنوي في المملكة 90 مليون لتر يومياً. ولا يمكن الاعتماد على مستوى استهلاك البنزين لوحده لأن الاستهلاك يتأثر بعوامل عديدة كعدد السكان وعدد السيارات وغيرها. وتحتل المملكة المرتبة الرابعة عالميًا من حيث معدل استهلاك الفرد للبنزين بعد الولايات المتحدة وكندا والكويت، حيث يبلغ استهلاك البنزين للفرد في المملكة 1037 لتر سنوياً. وقد نما استهلاك الفرد للبنزين في المملكة بشكل متسارع تخطى 2.7 % سنوياً على مدى الـ 15 عاماً الماضية، مقارنة بنمو قدره 0.4 % في كندا، وانخفاض في كلٍ من الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وأستراليا. كما نجد أن استهلاك البنزين في المملكة بلغ 2,755 لتر سنوياً للمركبة الواحدة، وذلك يفوق استهلاك المركبة في الولايات المتحدة وكندا بأكثر من 20 %، وأكثر من ثلاث أضعاف استهلاك المركبة الواحدة في ألمانيا. فيما بلغ مستوى اقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة الجديدة الواردة إلى المملكة 12.6 كيلومتر لكل لتر، مقارنة مع 13.8 كيلومتر لكل لتر في الولايات المتحدة الأمريكية و21.1 كيلومتر لكل لتر في الاتحاد الأوروبي. وعند المقارنة بالدول عالية الاستهلاك، مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن معدل نمو الطلب فيها أقل بكثير من معدل النمو في المملكة، ففي الوقت الذي بلغ فيه معدل نمو الطلب على البنزين في المملكة 5.3 % سنوياً، كان معدل النمو في كندا 1.3 % وفي الولايات المتحدة 0.6 %، في حين انخفض استهلاك البنزين في دول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا. وحول من يرى أن مقارنة استهلاك الفرد للبنزين في المملكة مع دول مثل ألمانيا هي مقارنه غير عادلة، لاسيما أن هذه الدول لديها وسائل نقل بديلة، بينما السيارة الشخصية هي الوسيلة الوحيدة للتنقل داخل المدن في المملكة حتى الآن، نجد أن الحكومة كما ذكر أعلاه تعمل الآن على إعداد مجموعة من مشاريع النقل العام في المدن الرئيسية بالمملكة، والتي سيكون أولها مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام في الرياض. علما أن ارتفاع سعر البنزين بشكل كبير في ألمانيا، والذي يبلغ أكثر من ثلاث أضعاف السعر في المملكة بعد الإصلاح، كان أحد أهم الدوافع لاستخدام النقل العام هناك بشكل فاعل. في حين على سبيل المثال، نما استهلاك الفرد للبنزين في المملكة بشكل متسارع تخطى 2.7 % سنوياً على مدى الـ 15 عاماً الماضية، مقارنة بنمو قدره 0.4 % في كندا، وانخفاض في كلٍ منالولايات المتحدة، وهما دولتان لا تعتمدان بشكل كبير على النقل العام.
استهلاك الكهرباء وإعادة هيكلة التعرفة
يستهلك القطاع السكني 50 % من الكهرباء، والصناعي 18 %، والتجاري 17 %، والحكومي 13 % والزراعي 2 %. ويستفيد القطاع السكني من أغلب الدعم المقدم في قطاع الكهرباء. وقد نما استهلاك الفرد في المملكة بوتيرة متسارعة بلغت 4 % تقريباً منذ عام 2000م، مقارنة مع انخفاض في النمو لأغلب دول العشرين، عدا الصين والهند. وعن سبب إعادة هيكلة تعريفات الكهرباء للقطاع السكني ورفع التعريفة بشكل كبير، فقد حصل التغيير في التعريفة لأول شريحتين من الاستهلاك، والتي يستفد منها جميع المستهلكين في القطاع السكني، بما في ذلك الفئات الغنية من المواطنين والمقيمين (غير المستهدفين بالدعم). لذلك تقرر رفع تكلفة الشريحتين الأولى ليعكس سعر التكلفة، وتوجيه الدعم للفئات المستهدفة بشكلٍ مباشر عن طريق حساب المواطن. وبالنسبة لتعريفة الاستهلاك السكني في المملكة ومقارنتها بالدول الأخرى، كانت تعريفة الكهرباء للشريحة الأولى من الاستهلاك 0.05 ريال لكل كيلو واط ساعة، وللشريحة الثانية 0.10 ريال لكل كيلو واط ساعة، وتم تغييرها إلى 0.18 ريال لكل كيلو واط ساعة، وعلى الرغم من ذلك تبقى تعريفة الشريحة الأولى لاستهلاك الكهرباء في القطاع السكني (6000 كيلو واط ساعة فأقل) في المملكة منخفضة مقارنة بالدول الأخرى. كما ستتلقى الفئات المستهدفة بالدعم من المواطنين - كما ذكرنا أعلاه - التعويض عن ارتفاع الأسعار عن طريق حساب المواطن.
أسباب ارتفاع استهلاك الكهرباء في القطاع السكني
تُصنف المملكة من ضمن الدول الخمسة الأكثر استهلاكاً للطاقة في المنزل، حيث يبلغ معدل استهلاك الكهرباء للمنزل 24,400 كيلو واط ساعة سنوياً في المملكة، وهو أكثر من خمس أضعاف الاستهلاك في فرنسا وألمانيا، وحوالي ضعف الاستهلاك في النرويج وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من علمنا بأن الأحوال الجوية في المملكة هي من أهم أسباب ارتفاع الاستهلاك، إلا أن هناك بعض الممارسات التي أدت إلى تضخم الاستهلاك بشكل كبير، مثل غياب العزل الحراري عن 70 % من المباني، واستخدام المصابيح غير الموفرة للطاقة، وترك الإضاءة وأجهزة التكييف تعمل عند ترك المنزل. وفيما إذا ستكون قيمة فاتورة الكهرباء في المملكة عالية جداً نتيجة تغيير التعريفة، نرى أن المتوسط السنوي لاستهلاك الكهرباء للوحدة السكنية يبلغ 2,200 كيلو واط ساعة في الشهر، بما يعادل فاتورة قدرها 440 ريالا شهرياً، وهو مقارب للمعدلات العالمية، فمثلاً يبلغ الإنفاق الشهري على الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية 428 ريالا شهرياً، وفي المملكة المتحدة 450 ريالا شهرياً (شاملاً تكلفة غاز التدفئة)، و476 في أستراليا (شاملاً تكلفة الغاز المنزلي). وبالتالي فإن الحد الأقصى للارتفاع في الفاتورة سيكون 420 ريالا بالشهر (مهما كانت كمية الاستهلاك)، وعلى الرغم من أن الرقم ليس صغيراً، إلا أنه يجب التنويه إليه حتى لا يتصور المواطنون بأن الفاتورة سترتفع بآلاف الريالات. وعن العوامل التي تؤثر على استهلاك الكهرباء في المنزل أو المبنى، نجد أن أجهزة التكييف في المملكة تستأثر بما يزيد عن 65 % من استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني، فيما تستهلك الإضاءة ما يقارب 8 %، وتستهلك سخانات المياه حوالي 6 %، بينما تستهلك الأجهزة البيضاء (الغسالات، والثلاجات، والمجمدات، وجلايات الصحون، إلخ) بحوالي 14 %. ونظراً لنسبة الاستهلاك الكبيرة للتكييف، يتضح أهمية اختيار أجهزة التكييف الموفرة للطاقة واستخدام العزل الحراري في المباني.
أثر نمو استهلاك الكهرباء بشكل متسارع
أدى الارتفاع المتسارع في استهلاك الكهرباء إلى استخدام ما يقارب 160 مليون برميل من النفط الخام سنوياً في إنتاج الكهرباء محلياً، كما تضاعفت القدرة الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء في العشر السنوات الأخيرة لتصل إلى 75 غيغا واط في عام 2016 باستثمارات بلغت عشرات المليارات لمواكبة الطلب المحلي المتسارع. وعن الجهود التي تبذلها وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية للارتقاء بمستوى قطاع الكهرباء، نجد أن الوزارة وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج عملت، بالتعاون مع الشركة السعودية للكهرباء، على العديد من المبادرات لتحسين وضع قطاع الكهرباء. ولكن فيما يخص استهلاك الطاقة فقد تم رفع كفاءة إنتاج الكهرباء من 28 % في عام 2005م إلى 36 % في عام 2016م، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 1 % خلال نفس الفترة. كما تسعى للارتقاء بها إلى أكثر من 40 % خلال السنوات القادمة لمواكبة المعايير العالمية والحفاظ على الموارد المحلية، علما أنه لن يتم تحميل المواطن (أو أي من المشتركين الآخرين) عبء تكاليف انخفاض كفاءة إنتاج الكهرباء، حيث تم احتساب التعريفة بناءً على كفاءة الإنتاج المثالية. كذلك تسعى المملكة إلى إنشاء عددٍ من المشاريع لاستخدام مصادر الطاقة البديلة لإنتاج 9.5 غيغا واط من الكهرباء بحلول عام 2023 وفقاً لما جاء في رؤية المملكة 2030، لخفض استخدام النفط الخام في إنتاج الكهرباء والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة. وبشأن استبدال محطات توليد الكهرباء المعتمد على الزيت الخام والديزل بمحطات تعتمد على الغاز، يجب أن نعلم أولا أن نمو الطلب على الكهرباء في المملكة بشكل سريع جداً تخطى 7 % على مدى السنوات العشر السابقة، اضطر الحكومة إلى استخدام النفط الخام والديزل في إنتاج الكهرباء ومواكبة ذلك النمو لتوفير خدمة الكهرباء للمواطنين، خصوصاً في المناطق غير الموصلة بشبكة الغاز. حيث شكل النفط الخام وزيت الوقود والديزل 57 % من مزيج الطاقة المستخدم في إنتاج الكهرباء. وهنا فإن الوزارة تعمل مع شركة أرامكو حالياً لزيادة إنتاج الغاز، ليتم استبداله مكان النفط الخام قدر الإمكان، كما تعمل الوزارة على إنشاء عددٍ من المشاريع لاستخدام مصادر الطاقة البديلة ابتداءً بطاقة إنتاجية قدرها 9.5 غيغا واط من الكهرباء بحلول عام 2023 وفقاً لما جاء في رؤية المملكة 2030، لخفض استخدام النفط الخام في إنتاج الكهرباء والمحافظة على الوارد للأجيال القادمة.
تكيف المواطن مع ارتفاع فاتورة الكهرباء
مع إطلاق وزارة العمل والتنمية الاجتماعية حساب المواطن وإيداع مبالغ التعويض
للفئات المستهدفة من المواطنين قبل تطبيق أي من الأسعار الجديدة، من شأنه
تخفيف الأثر الناتج عن تعديل الأسعار بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، يمكن للجميع
خفض استهلاكهم من الكهرباء عن طريق عدد من الممارسات، مثل:
استخدام العزل الحراري للأسقف والجدران والنوافذ للمباني القائمة والجديدة،
إطفاء أجهزة التكييف والإضاءة في الغرف غير المستخدمة وعند الخروج من المنزل،
واستخدام مصابيح CFL وLED عوضاً عن المصابيح المتوهجة التقليدية، حيث تستهلك
مصابيح CFL حوالي ربع الكهرباء التي تستهلكها المصابيح المتوهجة التقليدية
لنفس مستوى الإضاءة، بينما تستهلك مصابيح LED ما يقارب 15 % فقط من الكهرباء
التي تستهلكها المصابيح التقليدية لنفس مستوى الإضاءة، إلى جانب مقارنة
استهلاك الأجهزة المنزلية للكهرباء قبل اتخاذ قرار الشراء.
كلفة إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية للمنازل
تختلف كلفة إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية للمنازل بين الحمل الذروي والاعتيادي لأن هناك محطات إنتاج منخفضة الكفاءة لا يتم استخدامها إلا لغرض تغطية الحمل الذروي، وبالتالي ترتفع تكلفة الإنتاج خلال وقت الحمل الذروي، ولكن التعريفة مبنية على معدل تكلفة الإنتاج تحت ظروف الكفاءة المثالية، وبالتالي فإن أثر ارتفاع تكلفة الحمل الذروي منخفضة جداً، علما أنه لا يوجد هناك خطة حالياً لوضع تعريفة متأثرة بوقت الاستهلاك. وعن اختلاف كلفة وكفاءة الحمل الذروي عن التسعير الذروي والتسعير العادل، نجد أن التكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء أعلى مما يتم عكسه في التعريفة للقطاع السكني، وذلك لأنه تم احتساب التعريفة بناءً على ظروف الكفاءة المثالية، علماً بأن تعريفة الكهرباء في الدول الأخرى مبنية على التكلفة الفعلية شاملةً كفاءة المحطات والتي يكون بعضها قديماً ومنخفض الكفاءة. ومع ذلك فإن التسعير مبني على معدل التكلفة تحت ظروف الكفاءة المثالية، ولذلك فإن المشترك يحصل على قيمة التعريفة تحت أفضل الظروف.
الطاقة المتجددة وحاجة المملكة
ندرك جيداً أن هناك حاجة ماسة لمواجهة التحديات التي يفرضها الطلب المتزايد على الكهرباء وتوفير المياه الصالحة للشرب بهدف تلبية أهدافنا الاقتصادية طويلة الأمد. وسوف تحافظ الأشكال التقليدية (غير المتجددة) للطاقة على موقعها الرئيسي في توفير الطاقة للمملكة لعقود طويلة من الزمن، وبوجود مصادر الطاقة الصديقة للبيئة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل مستمر أغلب فصول العام وممتدة على مساحة جغرافية واسعة، وبمعدلات عالية جداً وعالمية، فإن مساعي المملكة تتجه نحو تفعيل مصادر الطاقة المتجددة للمساهمة في تحقيق مزيج طاقة أمثل مما يزيد من قدرتنا على التكيف مع العوامل الاقتصادية الكلية.
البرنامج الوطني للطاقة المتجددة
البرنامج الوطني للطاقة المتجددة هو مبادرة استراتيجية تنضوي تحت مظلة رؤية 2030، ويهدف البرنامج إلى الزيادة المستدامة لحصة الطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة في المملكة للوصول إلى 9.5 جيجاوات بحلول العام 2023، أي ما يعادل 10 % من إجمالي إنتاج المملكة من الطاقة. ويتضمن الهدف المبدئي للبرنامج إنتاج 3.45 جيجا واط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2020 من خلال ثلاث مراحل من العطاءات للتعاقد على توليد الطاقة من الرياح والشمس وتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة وغيرها. وقد تم اختيار منطقة الجوف لإطلاق باكورة العطاءات العالمية للاستثمار في أول مشروعين للطاقة المتجددة من البرنامج. وتضم المرحلة الأولى مشروع الطاقة الشمسية في سكاكا بحجم 300 ميجاواط ومشروع طاقة الرياح في دومة الجندل بحجم 400 ميجاواط. وأما بالنسبة إلى المرحلة الثانية من البرنامج، فتشمل إنتاج 400 ميجاواط من طاقة الرياح ومجموعة من مشاريع الطاقة الشمسية بحجم إجمالي يبلغ 620 ميجاواط في مواقع مختلفة في المملكة. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن إطلاق مرحلة التقديم لعروض التأهل في الربع الأول من 2018. فيما تضم المرحلة الثالثة 10 مواقع للمشاريع، بما فيها مشاريع الطاقة الشمسية المركزة ومشاريع تحويل النفايات إلى طاقة بالإضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن إطلاق مرحلة التقديم لعروض التأهل للمشروع الأول من هذه المرحلة في منتصف 2018. كما تعزم وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على تجاوز 9.5 جيجاوات وتطوير المزيد من المشاريع بحلول عام 2030. وعن المسؤول عن توجيه وتطبيق البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، فقد أنشأت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مكتب لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة. حيث يتولى المكتب المسؤولية المباشرة عن تنفيذ البرنامج ضمن الجدول الزمني المحدد، ويعمل على ضمان أن تكون الأهداف الطموحة للبرنامج متوافقة مع أعلى المعايير العالمية. ويرفع المكتب تقاريره مباشرة إلى اللجنة الإشرافية للطاقة المتجددة، وهي تحت رئاسة الوزير وتضم اللجنة ممثلين من مختلف الجهات ذات العلاقة من ضمنهم مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة (KACARE)، هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج (ECRA)، والشركة السعودية للكهرباء (SEC).
مشروع الطاقة الشمسية
تشكل الشراكات القائمة مع القطاع الخاص؛ كالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وصندوق رؤية سوفت بنك، فرصا استثمارية لتطوير قطاع الطاقة المتجددة في المملكة. مما يتيح بناء قطاع متين ومتخصص في عمليات التصنيع والتقنية؛ والتي بدورها ستدعم أهداف رؤية المملكة 2030م.
طاقة الرياح في المملكة
تعد طاقة الرياح مكملة لمزيج الطاقة السعودي وإحدى التقنيات التي سيكون لها دور كبير في تحقيق أهداف المملكة على صعيد الطاقة المتجددة. وقد رأت وزارة الطاقة اهتماما بالغا من قبل الشركات والمطورين في مشروع طاقة الرياح في دومة الجندل الذي أطلقت مرحلة تقديم العروض له في 29 أغسطس من هذا العام.
الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة
تعد جميع أشكال الطاقة المتجددة لها أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بتحقيق مزيج متنوع من الطاقة، وبفضل الموارد الهائلة التي تتمتع بها منطقة الخليج العربي من أشعة الشمس والرياح، ويمكن تعزيز الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بصورة مستمرة، حيث تسعى وزارة الطاقة للاستفادة من تجارب الدول التي سبقت المملكة في مجال توليد الطاقة المتجددة وتتعاون معها ومع دول الجوار وجميع المعنيين بإنتاج الطاقة المتجددة للاستفادة من أفضل التجارب والخبرات، والبرنامج الوطني الذي يستهدف إنتاج 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة في المملكة بحلول 2023 ما هو إلا الخطوة الأولى على طريق استراتيجية طويلة المدى للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والمبنية أساساً على مشاركة القطاع الخاص. وتسعى الوزارة لتطوير إطار الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بمزيد من الوضوح والاستقرار، وذلك لجذب المستثمرين للمشاركة في هذا القطاع عبر سلسلة من العطاءات التي بدأتها بطرحها في عام 2017 والتي ستستمر في طرحها حتى عام 2023 للوصول إلى إنتاج 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة كمرحلة أولى من مراحل البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، علماً بأن جميع مشاريع هذا البرنامج ممولة من القطاع الخاص. وقد نجح البرنامج من خلال مشروعه الأول باستقطاب الشركات المحلية للمشاركة في هذا القطاع، حيث تم توفير البيئة المناسبة لخلق تحالفات بين الشركات الوطنية والمطورين الدوليين. ويتضح ذلك جلياً من خلال وجود 8 شركات وطنية مشاركة ضمن 9 تحالفات تقدمت للمناقصة الأولى، والجدير بالذكر أن أربعة من هذه الشركات الوطنية لم تشارك في مشاريع قطاع الطاقة المتجددة من قبل سواءً محلياً أو دولياً، مما يؤكد على مساهمة البرنامج في تطوير قطاع الطاقة المحلَي وبناء القدرات الوطنية. ولضمان مساهمة استثمارات قطاع الطاقة المتجددة في خلق سلسلة قيم طاقة متجددة وطنية، فقد وضعت وزارة الطاقة اشتراطات للمحتوى المحلي لكل مشروع من مشاريع البرنامج، فقد اشتملت المتطلبات الفنية لمشاريع المرحلة الأولى من البرنامج ضرورة توطين 30 % من سلسلة القيمة كمتطلب أساسي، وستزيد نسبة التوطين في المراحل القادمة لضمان تحقيق أهداف البرنامج الرامية إلى توفير ودعم نمو سلسلة القيمة المضافة للطاقة المتجددة بالمملكة.
التغير المناخي وموقعه ضمن التزامات المملكة
خلال مؤتمر الأطراف 21 (COP 21 ) التزمت المملكة بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 130 مليون طن سنوياَ بحلول عام 2030 وذلك من خلال مساهمتها في التنويع والتكيف الاقتصادي. ويعتبر البرنامج الوطني للطاقة المتجددة من أحد أبرز العوامل التي ستساهم في تحقيق التزامات المملكة على صعيد التغير المناخي، حيث أن مستهدفات البرنامج المتمثلة في إضافة 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2023 ستساهم بخفض حوالي 120 مليون طن سنوياً، وهو ما يعادل 92% من مستهدفات المملكة للعام 2030، ومن ناحية أخرى؛ فإن البرنامج يعبر عن رغبة المملكة على العمل بهذا الصدد انطلاقاً من قناعتها بضرورة استخدام التقنيات المبتكرة التي تدعم الجهود الرامية لضمان نمو مستدام.