عبده الأسمري
يبدو أن مكاتب العلاقات العامة والإعلام الخاصة بالمسؤولين تصدم بالمقابلات الإعلامية الفجائية فلا تهيئ المعلومات اللازمة ولا المضادات الواجبة للأسئلة غير المتوقعة في وقت بات المسؤولون يحذرون ويخشون المقابلات المتلفزة التي لم تعد كالسابق عندما كانت تكتب حينها الأسئلة للوزير وتبرم معه اتفاقيات الظهور مسبقا. يأتي هذا التوجس في وقت بات الإعلام صوتا حقيقيا للمواطن حيث طارت المجاملات وأزيلت البراويز مع وجود هجمات مضادة بجيوش في وسائل التواصل الاجتماعي تدقق في التصريحات وفي تحليل الإجابات..
في ظل كل ذلك بات المسؤول محاصرا وعليه إما الصدق والواقعية لينقل الصورة على حقيقتها وإن كانت مرة أو اللجوء إلى الحيل المباشرة أو الاحتيال الخفي أو التحايل المدروس للخروج من أزمة الاصطياد بتصريح سيكون حجة عليه بل ومنفذا قد يكشف الحقيقة حتى وإن غيبت..
تذكرت مسؤولاً قابلته قبل 11 عاماً وسألته عن ربط المدن بسكك حديدية فقال تحت الدراسة وسألته عن تغيير مسارات الطرق الخطرة وازدواجيتها وتنفيذ عقبات جديدة وعندما أكثرت عليه الأسئلة قال لي بالحرف الواحد «كل ما تسأل عنه تحت الدراسة «!! فعلمت بعدها أنها «الكلمة» الأكثر تداولا في منظومة التصريحات والأشهر في قاموس «التسويف»!!
مضت السنون وباتت إسطوانة «تحت الدراسة» كلمة جائلة على كل المنصات وعنوان عريض لكل المؤتمرات الصحفية للوزراء ووكلائهم وصناع القرار وبات معدو خطابات الردود على شكاوي المواطنين يكتبونها كإبر تخدير وحيلة هروب من مأزق الحقيقة أما الآخرين ممن يريدون أن تكون الجرعة المخدرة أسرع لإسكات المطالبين بالخدمة فإنهم يعمدون إلى مفردة «قريبا».
هذه المفردات الضبابية والمطاطية لم تعد تنطلي على المتلقين أبدا في وقت بات يلجأ إليها المسؤولون تحديدا هربا من تصريح غاضب مستفز قد يكيل عليه الندم لاحقا.
سؤالي للمسؤولين... من المسئول عن مفردة «تحت الدراسة» وهل سيخرج المسؤول بعد أعوام ليطورها إلى مفردة «قريبا» ثم تتعاقب التسويفات والتبريرات ليبرر أخطاءه وتقاعس وزارته بالميزانية أو الوضع الاقتصادي أم أنه سيحتال بأسعار النفط أو إستراتيجية مستقبلية أو حتى «الإشاعات»!!.
منذ زمن طالبت بظهور المسؤولين مجتمعين أو منفردين ليكونوا أمام أسئلة وحوارات علنية مباشرة ومطالب واستفسارات المواطنين بعيداً عن الاتكاء على تصريحات مكاتب العلاقات العامة والبيانات الصحفية التي باتت «أشبه» بالإسطوانات المتكررة.