يوسف بن محمد العتيق
...
(حين تبحث في التراث المحلي لابد أن يمر بك مواقف وأحداث تقف عندها طويلا، فمن حروب دامية بين مدينتين متجاورتين وهم في الأساس أبناء عمومة وأهل واصهار، ومن خصومات على مجاري المياه وأراضي ومزارع كل يدعي ملكيته لها، وحين تبحث في التراث المحلي تجد أن ما تسمعه اليوم من كلام بعضنا في دور قريته أو أحد أفراد أسرته في الكرم والشجاعة أنه مبالغ فيه، وحين تبحث في التراث المحلي تعيد النظر في بعض تصوراتك عن المجتمع القديم والذي نجد أن بعضنا - إن لم يكن كلنا - يعطيه صورة أقرب الى المثالية منه إلى واقعه الحقيقي).
ما بين القوسين أعلاه هو خلاصة حديث بعض من يقف موقفا متشددا من البحث في التراث المحلي، بحجة اننا سنجد في هذا التاريخ ما يفرق أبناء المجتمع ولا يجمعهم، وأن في البحث في التاريخ المحلي استخراج لنصوص ومواقف يجب أن تدفن مع دفن أصحابها وانتقالهم غلى الدار الآخرة.
لكن عند النظر بعين الباحث المحب لوطنه والباحث الذي يريد أن يعرف كيف كنا وكيف أصبحنا، يجد أن البحث في تاريخنا المحلي مهم جدا، بل هو عنصر فاعل في استشعار نعمة الأمن والاستقرار والإخاء بين أبناء الوطن الواحد .
نعم قد نجد في بعض نصوص تاريخنا المحلي أنه كانت هناك مواقف يجب أن لا تروى بين أبناء المجتمع الواحد من معارك أو حروب، لكنها كانت سببا في التلاحم الذي نعيشه الآن بعد أن أدركنا أهمية نعمة الأمن والاستقرار.
قد نجد في بعض النصوص في تاريخنا المحلي معارك كلامية أو شعرية بين بعض مكونات المجتمع، لكننا نحمد الله حين نجد أن أحفاد الراد والمردود عليه أصبحوا أسرة واجدة يجمعهم الوطن والمكان الواحد وهموم الحياة اليومية.
إذن البحث في تاريخنا المحلي مطلوب... لكن الأهم أن نركز على تأهيل الباحثين في تاريخنا المحلي بصفات الباحث والمؤرخ الأمين لأن تاريخ البشرية جمعا لم يكن في كل مراحله نقيا صافيا.