«الجزيرة» - جدة:
أبدت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي استياءها الشديد من محنة مسلمي الروهينجيا في ميانمار الذين ما زالوا يعانون من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والمؤسساتية المنهجية على نطاق واسع. وقالت الهيئة إن أقلية الروهينجيا في ميانمار تمثل أسوأ نماذج ضحايا التطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
جاء ذلك خلال زيارة وفد الهيئة لتقصي الحقائق والتي استغرقت 3 أيام إلى كوكس بازار (بنغلاديش)، وجاءت الزيارة بتكليف من مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لرصد تقرير حول وضع الروهينجيا.
وفي غياب أي رد إيجابي من سلطات ميانمار على طلبات الهيئة المتكررة لتنظيم زيارة إلى ولاية راخين لتقصي الحقائق على أرض الواقع، قام الوفد بزيارة كوكس بازار في بنغلادش للالتقاء بالمهجرين الروهينجا.
وشمل وفد الهيئة الدكتور راشد البلوشي (رئيس الهيئة) والأعضاء السيد ميد كاجوا، الدكتور ريحانة عبد الله، السفير عبد الوهاب، والسيد محمود عفيفي، والسيد أداما نانا، إلى جانب مسؤولين من أمانة منظمة التعاون الإسلامي وأمانة الهيئة.
واجتمع وفد الهيئة باللاجئين الروهينجيا والذين اكدوا انهم تعرضوا الى تمييز مؤسساتي ومنهجي في حرمانهم من جميع أنواع حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى العنف الواسع النطاق والعشوائي بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء، وخاصة ضد النساء والأطفال والمسنين. كما تحدث شهود العيان من اللاجئين عن تفاصيل الأحداث المروعة التي بدأت أواخر أغسطس الماضي عندما أحرقت المئات من قرى الروهينجيا بعد تعرض بعض مراكز الأمن للهجوم، وتعرض آلاف المدنيين الأبرياء للتعذيب بوحشية جراء إطلاق النار باستخدام طائرات الهليكوبتر وقنابل صاروخية، بما في ذلك الذين فروا من قراهم، مما أدى إلى المئات من عمليات القتل خارج نطاق القانون وأُجبر مئات الآلاف على الفرار.
وأدان وفد الهيئة الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت ضد الروهينجيا وأكد أنها تعبر عن سلوك عنصري يبعث على الأسى. وذكر الوفد ان محاولات سلطات ميانمار لإنكار الواقع لن يساعد في إلغاء مسؤوليتها في انتهاك حقوق سكانها من الروهينجيا.
ودعت الهيئة حكومة ميانمار إلى اتخاذ خطوات حازمة لإنهاء العنف ضد الروهينجيا فوراً وتقديم مرتكبي أعمال العنف إلى العدالة؛ وتنقيح واستبدال جميع السياسات والممارسات التمييزية ضد سكانها من الروهينجيا؛ وضمان العودة المستدامة والطوعية للاجئين الروهينجيا في سلامة وأمن وكرامة ومع ضمان سبل العيش في وطنهم الأم بولاية راخين؛ كما دعت الهيئة الى ضمان الوصول الحر وغير المقيد إلى وكالات المعونة الإنسانية؛ وقبول بعثات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي لتقصي الحقائق؛ وايضا تنفيذ توصيات اللجنة الاستشارية لكوفي عنان؛ والتصدي لحملات التضليل ضد الروهينجيا وتعزيز المصالحة بين المجتمعات المتضررة من خلال الحوار وتحسين التكامل؛ كما دعت الهيئة الى اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة الأسباب الجذرية للحرمان والتمييز التي يتعرض لها الروهينجيا.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي ودول منظمة التعاون الإسلامي على وجه الخصوص إلى بذل كل ما في وسعها لحث ميانمار على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان تجاه أقلية الروهينجيا بطريقة ملموسة ومحددة زمنيا. كما حثتهم على تقديم كل المساعدات الانسانية الى سكان الروهينجيا المشردين داخليا في ميانمار والمهجرين إلى مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة.
وأعرب وفد الهيئة عن شكره لحكومة بنغلاديش لمساعدة الهيئة وتسهيل مهمتها، وستقدم الهيئة تقريرا مفصلا يشمل توصيات إلى الدورة الـ45 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي للنظر فيها.