محمد بن علي الشهري
كثيراً ما نسمع ونقرأ مقولة (ارتفاع وعي الجماهير) تتردد على ألسنة بعض زبانية الاستوديوهات، أو في ثنايا طرح بعض الزملاء على الورق، هكذا على عواهنه، سواء بداعي تمرير بعض الآراء (الرّثّة) أو بداعي الانتقاص أو الإسقاط على طرف ما، على أن المقصود بالمقولة بطبيعة الحال هم دهماء المدرجات الذين نكنّ لهم كل الحب والتقدير باعتبارهم ملح التنافسات، وإن شئت فقل: نبضها.
قد تستقيم هذه المعادلة في حالات محدودة، ولكنها لا تعني بأي حال ارتفاع وعي الجماهير بقدر ما تعني تدنّي مستوى وعي المتحدّث أو الكاتب ولاسيما إذا عُرف السبب، وبالتالي فهي لا تُعتبر مقياساً يُعتدّ به.
وإليكم هذا المثال: على مدى الأسبوع قبل الماضي الذي سبق لقاء النصر والأهلي الدوري، شنّت مجموعة لا بأس بها من جمهور النصر حملة تحريضية ذات اتجاهين عبر منصة تويتر، وكلاهما يؤديان لغرض واحد، نجحت في أحدهما وأخفقت في الآخر، الاتجاه الذي نجحت فيه يتمثل في تحريض الجمهور على عدم الحضور لدعم ومؤازرة الفريق في ذلك اللقاء.
أما الآخر الذي أخفقت أو فشلت في تحقيقه فيتمثل في تحريض الفريق الأصفر على تسليم المباراة عنوة للفريق الأهلاوي بدعوى أن خسارة الأهلي إذا حدثت على يد النصر فسيكون الهلال هو المستفيد، وستشكل دعماً له لتحقيق اللقب، وبالتالي فإن جماهير النصر ستحرم وستفقد لذّة الفرح والاحتفال الذي تترقبه في حال حققه الأهلي؟!!.
اللافت أن التغريدات التي تبنّت وتكفلت بالمهمة التحريضية لم تكن (خنفشارية) وذات أساليب ركيكة، وإنما كانت مكتوبة بأساليب وصيغ جيدة جداً، وخالية تماماً من أية أخطاء لغوية أو إملائية، فضلاً عن أعداد المتابعين، مما يؤكد على أن خلف تلك الحسابات قدرات متمكنة تعي وتعني ما تقول وما تدعو إليه.
فأين ذلك الارتقاء في مستوى الوعي الجماهيري الذي يتحدثون عنه في ظل وجود هكذا عقليات لا تتردد عن إشهار تحريض فريقها علانية على الانبطاح، وعلى ممارسة الغش والفساد من خلال تحوّله إلى قنطرة لتحديد اتجاهات النتائج وحتى الألقاب.