للثقافة معانٍ كثيرة ومتنوعة تختلف اختلاف البشر، لكنها تلتقي أحياناً كثيرة وتتقاطع أحياناً أخرى، وتُعدُّ الثقافة مقياس رقي المجتمعات بشكل عام، وهي ضرورية للفرد والمجتمع على حد سواء، فكما هي للمجتمع عنوان في رقيه، فهي في الوقت ذاته عنوانا لوعي الفرد وسعة اضطلاعه في شتى ميادين الحياة.
وثقافة الإِنسان لا تأتي بيوم وليلة لكنها نموٌّ معرفيٌّ تراكميٌّ على المدى الطّويل، وتدل على ثقافة المجتمع وثقافة الجهات التي تُثقفه، فهي عمل جماعي في البيت والمدرسة والجامعة والشارع وحيث وجد الإِنسان في تعامله مع الآخرين داخل وخارج المحيط الذي يعيش فيه.
ثقافة الاحترام، ثقافة النظافة، ثقافة الوقوف في الطابور، ثقافة احترام الموعد، ثقافة الأكل، ثقافة التعامل مع الأطفال، ثقافة الصبر، ثقافة الاتيكيت، ثقافة الانتظار والمزيد من الثقافات الإيجابية التي تدل على الوعي.
ترى هل تجتمع هذه الثقافات في إِنسان واحد أم إنها اختيارية وانتقائية.
الثقافة المرورية لقائد المركبة تدل على الوصول إلى أدنى حد من الحوادث المرورية والمخالفات والتقيد بالأنظمة والقوانين ونشر ثقافة المرور في محيطه الذي يعيش فيه، ومنظومة الثقافة المرورية تشمل ثقافة الشرطي منظم المرور، وثقافة المحقق والخبير في حوادث السير وشركات التأمين.
ترى كيف نُثقّف قائد المركبة؟ في مجتمعنا من يحترم نظام المرور فهو قائد محترم يحترم نفسه، ومن لمْ يحترم نفسه يحترمها بتطبيق نظام المرور وعدم التساهل وتغليط الجزاء، والأهم هو دفع الغرامات مرة تلو الأخرى حينها يُجبر بقوة النظام أن يكون محترما وما أجمل أن يحترم الإِنسان نفسه بنفسه.
إن احترام قواعد المرور سلوك حضاري يعكس مدى معرفة الثقافة المرورية.
أتعجّبْ من آلاف السعوديين الذين يحترمون النظام ويعرفون الثقافة المرورية لكن للأسف ليس في داخل المملكة بل في الخارج لماذا؟ السبب بسيط والإجابة أبسط، الخوف من تطبيق النظام وما يترتب عليه.
حملات المرور وأسبوع المرور وما يدور في فلكها لا تكفي في تثقيف قائد المركبة، الاستمرارية على مدار العام هو الحل في عملية التثقيف داخل وخارج المدن وعلى الطرق السريعة، ساهر وفي رأيي ساهم في زيادة الحوادث وزيادة الخوف خصوصا على الطرق السريعة، فجأة تخفف المركبة الذي تجاوزت سرعتها إلى أقل من 120 كم، والنتيجة الإرباك والهلع لقائد السيارة الملتزم بالسرعة المحددة وربما حدوث حادث لا قدر الله، ساهر ساهم في الحوادث ولمْ يثقف قائد السيارة بقوة النظام.
ليس لديّ شك ان القائمين على جهاز المرور في المملكة لديهم الرغبة والحماس على إيصال أنظمة السير في المملكة إلى أعلى المستويات العالمية، وهذا ما نقراه في موقع المرور الالكتروني حيث يوجد ثمانية جداول للمخالفات المرورية والتي تحتوي على أكثر من 70 مخالفة، إضافة إلى نظام النقاط.
هل هذا يكفي؟ أم الذي يكفي في رأيي حملة لمدة سنة كاملة لتطبيق النظام ونشر الوعي الثقافي بقوة النظام.
وفي الختام جهاز المرور ليس الجهة الوحيدة المسؤولة عن نشر الثقافة المرورية، المجتمع بكافة مكوناته والمثقفين والكُتاب والرياضيين والقنوات الفضائية والمناسبات الاجتماعية والجمعيات والحملات الإعلانية. المساجد لها دور كبير إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعية.
حفظ الله شبابنا من حوادث السيارات وألهمهم طرق التمسك بقوانين وأنظمة المرور.