إبراهيم عبدالله العمار
نظرية العقل هي رغبتنا وقدرتنا على فهم أفكار ومشاعر الناس. هذا يعطينا القدرة أن نفهم التصرفات الماضية للناس وبناءً عليها نتوقع تصرفاتهم في المستقبل بناءً على ظروفهم.
أحد جوانب نظرية العقل هو مفهوم اسمه «القصدية»، ويعني أن الكائن يقدر أن يتفكر في عقله، في اعتقاداته وأمنياته، مثل «أرغب في قطعة من تلك الفطيرة»، وهذا يسمى القصدية من الدرجة الأولى. أغلب الثدييات تنتمي لهذه الفئة. أما قصدية الدرجة الثانية فهي عندما يفكر في الكائن في عقلية شخص آخر، مثل «أعتقد أن ابني يريد قطعة من تلك الفطيرة». إذا كان لديك القدرة على قصدية درجة ثالثة فأنت تقدر أن تفكر أفكارًا مثل «أظن أمي تعتقد أن ابني يريد قطعة من فطيرتها». القصدية من الدرجة الرابعة تعطيك أفكارًا أعقد مثل: أظن صديقي أحمد يعتقد أن ابنتي الطفلة عبير ترى أن طفله عبدالله ظريف. أو فكرة مثل: أعتقد أن مديري يعرف أن الرئيس التنفيذي يظن أن زميلي لا يظن أن ميزانية مديري وتوقعاته لدخل الشركة يمكن الوثوق بها. وهكذا.
قصدية الدرجة الرابعة تبدو معقدة في تلك الأمثلة لكن في الواقع أنك تستخدمها كثيرًا. قصدية الدرجة الرابعة ضرورية للكتّاب، فالكاتب يجب أن يصنع آراءً تعتمد على هذه القصدية، مثل: أظن أن التلميحات والإشارات في هذا المشهد سوف تدل القارئ إلى أن حمزة يظن أن تهاني لم تعد ترغب في البقاء معه. هذه القصدية أيضًا ضرورية لمن يعملون في المجال السياسي وكذلك التجاري، والذين يمكن أن ينتصر عليهم أعداؤهم بسهولة لو لم تكن لديهم هذه القدرة.
الأدلة التي أتت بها تجارب على حيوانات أظهرت أن حيوانات الرئيسات (وهي فئة تشمل مثلاً القرد والغوريلا وكائنات صغيرة مشابهة).. هذه الفئة تتراوح القصدية في أدمغتها بين الدرجة الأولى والثانية. الشيمبانزي يقدر أن يفكر: «أريد تلك الموزة»، أو حتى «أظن ذاك القرد يريد موزتي»، لكن تنتهي قدراته هنا، فلا يقدر أن يفكر «أظن القرد الآخر يظنني أريد موزته». أما البشر فالعادة أن يقدروا على الدرجة الثالثة والرابعة، ويعضهم تصل قدرتهم للدرجة السادسة.
ماذا عنك؟ هل تستطيع تخطّي تلك المرحلة؟