الجهود التي تبذلها المملكة لخدمة اللغة العربية إنما تنطلق في المقام الأول من اهتمام قيادتها الحكيمة بها، وهو ما أعلنه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله؛ إذ قال: «بلادنا المملكة العربية السعودية دولة عربية أصيلة، جعلت اللغة العربية أساسًا لأنظمتها جميعًا، وهي تؤسس تعليمها على هذه اللغة الشريفة، وتدعم حضورها في مختلف المجالات، وقد تأسست الكليات والأقسام والمعاهد وكراسي البحث في داخل المملكة وخارجها لدعم اللغة العربية وتعليمها وتعلمها»
ولعل تلك السطور الخالدة قد جمعت فأوعت؛ إذ تجلى فيها الاهتمام باللغة العربية بوصفها لغة الدين الحنيف ورمز الهوية الوطنية، كما بينت ما تبذله المملكة من جهود لدعم اللغة العربية ونشر ثقافتها في الداخل والخارج، وقد جاءت الرؤية الوطنية 2030 لتؤكد على الاهتمام باللغة العربية لتعزيز الهوية العربية والإسلامية.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها القطاعات المختلفة داخل المملكة فإن الدور البارز الذي ينهض به مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية يبقى محل تقدير على الصعيدين المحلي والعالمي؛ إذ أسهم في تعزيز ثقافة اللغة العربية وحمايتها من خلال خطوات عدة؛ أهمها: دوره الفاعل في رسم السياسات والإستراتيجيات العامة لحماية اللغة العربية، بمخاطبة الوزراء والقطاعات ذات الصلة باللغة العربية، وتقديمه الدعم لها، وكذلك ما يعقده من ندوات وفعاليات، وما يقدمه من إصدارات تعيد اللغة العربية إلى مكانتها السامقة.
أما على المستوى الخارجي؛ فقد حرصت المملكة على دعم اتحادات اللغة العربية في الدول الأجنبية، وإنشاء الكراسي العربية، وقد توجت تلك الجهود بتمكن المملكة من انتزاع اعتراف العالم باللغة العربية، ومن ثم الاحتفال السنوي باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام.
وفيما يخص تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ ففضلاً عن المعاهد والمراكز والوحدات المنتشرة في ربوع المملكة، وأولها يرجع تاريخ نشأته إلى أربعين عامًا مضت، وأحدثها في جامعة الطائف ممثلًا في وحدة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ فإن أنشطة المملكة قد امتدت لتتخطى حدود المملكة إلى مختلف بلدان العالم، ولعل ثمة جهود لا يمكن إنكارها في هذا الصدد، منها برنامج أشهر اللغة العربية الذي يتبناه مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية، وكذلك استضافة الآلاف من طلاب المنح من الدول الإسلامية، والبعثات والمدارس والمعاهد التي أنشأتها المملكة في مختلف بلدان العالم الإسلامية وغير الإسلامية، والإصدارات التي تملأ ربوع المعمورة، ولعل تلك الأمثلة إنما تشهد بمدى حرص المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبًا على نشر اللغة العربية وتصدير ثقافتها الإسلامية المعتدلة إلى العالم كله
هذا وبالله التوفيق ...
** **
د. نايف بن سعد البراق - عميد كلية الآداب -جامعة الطائف