مَا كنتُ أحسَبُ قبل دفنكَ في الثّرَى
أنّ الكَواكِبَ في التّرابِ تَغٌورُ
علمت بخبر وفاته رحمه الله فتكدر خاطري لهذا الخبر المفجع واتصلت بإبنه (ثامر حفظه الله) وأكد لي صحة الخبر فوقع في نفسي حزن شديد لأن فقد انسان عزيز بصورة مفاجئة يحدث فجوة يصعب ردمها أو محوها إن غبت عنا يا أباثامر تحت اطباق الثرى فقد خلفت ذكراً جميلاً باقياً بالقلوب لأنك الرجل المحبوب من أسرته ومعارفه ولكني استرجعت بقولي {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} لأن غيابه بالنسبة لي كأخ وصديق ورفيق درب في الحياة منذ عصر الطفولة والصبا إلى أن غاب عن أسرته ومحبيه ولأن غاب عنا فذكره الطيب باق في النفس مدى الحياة لأن لنا معه ذكريات الصغر تذكرت منذ طفولتنا وريعان شبابنا والأيام الجميلة التي نتقابل فيها بالدراسة في المتوسطة وفي الرياض عندما كان يعمل رحمه الله في ديوان الخدمة المدنية وكنت أدرس في جامعة الرياض (جامعة الملك سعود حالياً) واستمرت لقاءاتنا بالرياض والمدينة المنورة والشقة.
سَتبْقَى لهُ في مُضْمَر القلب والحَشا
سَرِيرَة وُدٍّ يَوم تُبْلى السرائرُ
وقد ترقى رحمه الله في العمل في قطاعات حكومية عديدة حتى وصل لأعلى المراتب في خدمة دينه ووطنه وولاة أمره لإخلاصه وكفاءته وصدقه وكفاحه وحكمته ولم تغيره الأيام ولا الليالي ولا المناصب بل زينها بعطائه ووفائه وتفانيه.
إِنَّ المَنَاصِب لا تَدُومُ لِوَاحِدٍ
إنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ذَا فَأَيْنَ الأَوَّلُ
كان يستقبل المواطنين والمراجعين بصدر رحب وساعدهم
وكانت ولادته رحمة الله في بلدة الشقة بمنطقة القصيم وقد تربى في أحضان والديه رحمهما الله وكان والده رحمه الله يعتمد عليه بعد الله في قضاء حاجاتهم ومتطلباتهم.
وقد اديت الصلاة عليه بمدينة الرياض بجامع الإمام تركي بن عبدالله (رحمه الله) بعد صلاة العصر يوم الثلاثاء الموافق 1439/2/18هـ ، وكان في مقدمة المصلين والمعزين أصحاب السمو الملكي الأمراء وكبار المسؤولين الذين زاروا منزل الفقيد معزين ومواسين لأسرته فجزاهم الله خيراً ولا غرابه في ذلك منهم.
هم الملوك وأبناءُ الملوكِ لهمْ
فضْلٌ على النّاسِ في الأواء والنِّعمَ
قال النبي صلى الله عليه وسلم {أنتم شُهداء في أرضه} فأكثر من حضر جنازته أو العزاء على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم يثنون عليه ويدعون له بالثبات.
يوم الوداع وهل أبقيت في خلدي
إلا الأسى في حنايا القلب يستعر
هذه بعض المشاعر مختصرة عنه تغمده الله بواسع رحمته ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقه الشهادة ويجعله ممن أتى الله بقلب سليم، لقد مضى مسرعاً ملبياً نداء ربه ولم يودع أحداً وكأنه يحس بألم الفراق بين أهله ومحبيه حتى وجدت ورقتين كتبهما رحمه الله مملوءة بالشكر لله والثناء عليه ومسامحة الناس وكلام فاضل وراقي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويتقبله في الشهداء ويسكنه فسيح جناته ويفسح له في قبره وينور له فيه ويجعله روضة من رياض الجنة ويتجاوز عن خطاياه ويرزقه طيب الإقامة في حدثه إلى أن يأذن الله بقيام الخلائق من أحداثهم ليوم الحساب ويبارك له في ذريته ويجعلهم ذخراً له بالدعاء وهم إن شاء الله فاعلون.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث وذكر ولد صالح يدعو له}.
ويرزق زوجته ذريته وإخوته الصبر والسلوان والحمد لله على قضاء الله وقدره، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الله (وإنا على فراقك يا أباثامر لمحزونون).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
** **
- إبراهيم القصير