يوسف المحيميد
حينما أشارت وكالة بلومبيرغ إلى خمسة رجال سيكون لهم الأثر الأكبر في العالم هذا العام في مجال الطاقة، بينهم طبعًا المهندس خالد الفالح، والوزير الروسي الكسندر نوفاك، والرئيس الفنزويلي، وحتى تيم دوف رئيس أكبر شركة منتجة للزيت الصخري في أمريكا والعالم، كل هؤلاء طبيعي أن يؤثروا في سير اتجاه سوق الطاقة، لكن اللافت هو الرجل الخامس، وهو السيد إيلون موسك صاحب السيارة الكهربائية، وبما يشير إلى بدايات التحول من الزيت أو النفط كمصدر وحيد ورئيس للطاقة والصناعة، التي لا تختلف عن بدايات التحول عن الفحم الحجري كمصدر رئيس للصناعة، منذ عصر النهضة.
فقد تحول العالم من دواليب الماء والطواحين الهوائية إلى الفحم تدريجيًّا ليصبح أهم مصدر للطاقة في أوروبا القرن السابع عشر، ثم التحول إلى الفحم الحجري، في الوقت الذي كانت بريطانيا تنتج 80 بالمائة من الفحم في العالم.
ولسنا بحاجة إلى العرض التاريخي للطاقة في العالم، وبداية استخدام الغاز، وحقبة الثورة الصناعية، وتحولات الصناعة، لكنني تذكرت ذلك بعد الانتشار التدريجي للسيارات التي تعمل بالكهرباء في العالم، واستخدام الطاقة النظيفة، والتحول تدريجيا عن الوقود الإحفوري إلى ما يسمى بمزيج الطاقة، بعد دخول الطاقة المتجددة في توفير الطاقة للعالم، من خلال الطاقة الشمسية والرياح والنووية وغيرها، بما يعني دخول العالم إلى مرحلة صناعية جديدة ومختلفة، وهو ما تنبهت له المملكة مؤخرًا بالدخول في مشروعات مختلفة للطاقة المتجددة في سكاكا وَدُومَة الجندل وربما غيرهما في القريب العاجل.
هذا التحول يثير السؤال حول مصير النفط كمصدر للطاقة، قدم الكثير للعالم، وبالذات لبلادنا إحدى أكبر الدول المنتجة والمصدرة للبترول في العالم، وإلى أي مدى من السنوات سيبقى هو مصدر الطاقة الرئيس؟ وماذا صنعنا لأنفسنا خلال سبعين عامًا من النفط؟ هل أسسنا بلدًا صناعياً منافسًا؟ أم لم نتجاوز الخطوات الأولى في صناعات بسيطة واستهلاكية لا تعني شيئًا في المجالات الصناعية الكبرى؟ نحن في هذا الزمن بحاجة كبيرة إلى محاسبة أنفسنا بشجاعة، والبحث بجرأة عن موطئ قدم لنا في هذا العالم اللاهث نحو المجد.