سعد بن عبدالقادر القويعي
وسط مشهد ضبابي، لا يتضح معه إلى أين تسير الأحداث، انطلقت النسخة الثانية من الربيع الإيراني، بعد أن انفجرت موجة الانتفاضة من جديد في إيران، بمظاهرات عمت كل المدن الإيرانية على نظام خامنئي، الذي بدأ الصدأ يأكل في جدرانة الآيلة إلى السقوط؛ من أجل اقتلاع المؤسسة الدينية الطائفية البغيضة، وحسم الأمور بإسقاط النظام -برمته-، وجميع أجنحته، -بدءاً- من زمرة خامنئي، -ومروراً- بقوات الحرس، -وانتهاءً- بالقضاء على حكومة روحاني، وعصابته.
بعيداً عن الأدوار التي اضطلعت بها، والسياسات التي تبنتها، فإن سياسة النظام الثيوقراطي الفاشي، الذي يستمد شرعيته من ولاية الفقيه، هي التي أشعلت جذوة الانتفاضة الشعبية، كردة فعل طبيعية للواقع الإيراني المتردي -على كل الصعد-، رغم امتلاكها احتياطيات ضخمة من البترول، والغاز، التي كانت كفيلة بأن تضع اقتصادهم في مقدمة الدول الكِبار فى العالم، إلا أن شياطين ملالي الخميني وجهوا اهتمامهم على صرف الأموال في حروب خارج حدود الجمهورية الفارسية، وتقوية أذرعه الأخطبوطية في كل من لبنان، والعراق، وسوريا، واليمن، وأفريقيا؛ ما دفع المتظاهرين إلى اعتباره أحد أهم أسباب احتجاجاتهم؛ فشكلت أسباباً نموذجية للسخط السياسي.
يبدو أن نتائج ربيع خارطة سايكس بيكو الجديدة ستثمر بشكل سريع في جمهورية إيران؛ لإسقاط العمائم السوداء من على رؤوس ملالي إيران، إن اليوم، أو غداً، بعد أن ذهبت كل وعود ملالي الإرهاب أدراج الرياح، حين اعترض الشعب على المستوى المعيشي، ونهب أموالهم لدعم الإرهاب، والجماعات المتطرفة، ونشر الفوضى في المنطقة؛ فنضجت كلّ مقوّمات التغيير -داخلياً وخارجياً-، وبعيداً عن إعادة إنتاجها في أشكال مختلفة؛ لأن مصير النظام الإيراني قد شارف على الانتهاء.
تمزيق صور المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، الذي يعد أعلى رمز ديني، وسياسي في البلاد، والهتاف ضده، وضد خزعبلات ظهور المهدي المنتظر في السرداب، ومظلومية الطائفة الشيعية، ونصرة المذهب، وتصدير ما يسمى بالثورة البائسة تحت شعارات مناهضة الاستكبار الدولي، والشيطان الأكبر، التي أثقلت كاهل الخزينة، دليل أكيد على أن هذه الثورة غير أيديولوجية سياسياً، أو دينياً، وذلك في شكل تجديد مطالب التيار الإصلاحي، الذي حاول أن يعود إلى الشارع مجدداً، وخلق حالة غير مستقرة من صور التطورات، والتفاعلات.
انطلقت المظاهرات من مدينة «مشهد» ثاني أكبر المدن الإيرانية؛ لتكتسب الأحداث الراهنة أهمية قصوى، -سواء- كانت إقليمية، أو دولية، بغض النظر عن بعض التغريدات الأمريكية الداعمة لحراك الإيرانيين -ضمناً لا علناً-، التي قد تعطي انطباعات سلبية على شرعيتها، وديمومتها؛ إذ لا تزال أسباب انتفاضة 2009 قائمة، مع ضرورة ملاحظة اختلاف القوى المحركة للاحتجاجات ليست ذاتها، ولا الأهداف هي نفسها؛ ما يعني تعطيل مشروع الإمبراطورية الفارسية الشعوبي التكفيري، وهو ما أكدته تغريدة وزير الخارجية البحريني -الشيخ- خالد بن أحمد آل خليفة في هذا السياق، التي اختصرت تاريخ، وحقيقة نظام الملالي، وولاية الفقيه الإجرامي، حين قال: «أكرر، ولن أضيع الفرصة، إيران شيء مستدام، أما الجمهورية الإسلامية فهي أمر طارئ، ووضع غريب، وشيء مؤقت».