(1)
من قال: إني أستحق كلّ هذا العشم؟!
أنا التي تقرأ رسائل من أغضبوها، ولا تنبس ببنت حرف؛ لم أكن قاسية إلى هذا المستوى الرديء من التوحش.
أنا التي سامحتهم ،لكنني لا أريدهم في حياتي من جديد.
يكفي أن أدعو لهم.
أن أطمئن أنهم مازالوا بخير من خلال رسائلهم التي أمتص كل ما فيها بصمت حزين.
حزين يا هذا المساء بآخر رسائلهم الحزينة.
حتى مواساتي لهم لم تكن كما يؤملون!
كان صمتي أفضل منها
بعض الردود باهتة، توجع أكثر من الصمت.
(2)
لستُ مِمّن يُجهض الأحلام؛ لكنّ حلمًا أُجهض على يدي من غير حول منّي ولا قوة
.. وأنْ تحزنَ لأنّ أحدهم خذل حلمه بيدك
يدك التي لم تظلم من ظلم نفسه بنفسه
وأنت لا تملك إلا أنْ تحزنَ حزن النبلاء
لماذا جعلني الصورة الأسوأ في عامه الجديد؟
لماذا حدث ما حدث رغم كلّ عمليّات التنفس الصناعي التي قمت بها لأجل حلمه؟
لماذا حدث ما حدث رغم أنني مددتُ يدي؛ لأنقذ حلمه بكل قوتي؟
لماذا أفلت يدي، وجعلني أغرق في الحزن معه؟
سأُقبّل ذلك الحلم قبلة الحياة، حتى وإن خسرت ما سأخسر بسببه.
بعض الأحلام تستحق أن تورق على أيدينا
بعض البدايات تستحق التضحية.
(3)
المرارةٌ التي كنت تظنها بسبب وعكة ألمت بك لم تكن كذلك!
أنت تتغير جذريًا لكنك لم تستوعب بعد.
ثمّة غثيان مستمر تشعر به إزاء هذا العالم الذي لم يتوقف عن الكذب، ويأبى إلا أن يقنعك بأن كل ما يحدث ما هو إلا مصادفة!
اختبرت مشاعرك؟!
اختبرت قدرتك على استيعاب تصرفاتك القديمة واليتيمة، الجامحة والطامحة؟!
هأنت تعود لأول الأشياء التي تعلقت بها قبل زمن الزيف.
أنت تحن للصدق في زمن الريبة.
أنت لا تخاف التغيير، بل تخاف الجديد.
الجديد المُغلّف بالريبة!
لا تحتاج لأن تختبره أكثر فقط اطوِ رشاك عن آباره واشترِ راحة ظنونك
(4)
أعرف تمامًا ماذا يعني أن يفتك بروحك زلزال عظيم، لكنك لاتلوذ بقشة أحد.
همومك الكبيرة جدًا؛ لا تهتك سترها إلا أمام خالقك.
لا يجب أن يعرف بها أندادك.
هذه الجراح المعضلة لو علم بها البشر لآذوا بتعاطفهم أحلامك العريضة الطوال.
(5)
هَلْ جرّبت أنْ تَنْفَد بطاريّة هاتفك، ويظلُّ مغلقًا لساعاتٍ طويلةٍ دونَ أنْ تشعرَ بأنَّ قيامةً على الضِّفَة الأخرى ستقوم؛ لأنّهُ مغلق ؟
هَلْ جرّبتَ أنْ تخرجَ منْ البيتِ بلا وجهة، وتتوقفَ عندَ أكثر المحلات هامشيّة؛ لتتفحصَ خردواتها التي لم يكترث لها أحد ، -فقط-؛ لتشعرها بأنّها تستحقُ الاهتمام؟
أنْ تنام في أيِّ وقتٍ، وتستيقظَ في أيّ وقتٍ دون أنْ تهتمَ لأيِّ تفاصيل؟
أنْ تخرجَ دونَ أنْ تخبرَ عنْ وجهتِكَ، وتعودَ دونَ أنْ تُحدثَ عودتك دويًّا؟
هَلْ جرّبتَ أنْ تُغلِقَ كلّ صفحة تؤذيكَ بابتسامةٍ ساخرةٍ، وتُتَابع فيلمكَ الكرتوني المفضل؟
الوِحْدةُ ليستْ سيئة
ليستْ سيئة أبدًا، وهي تمنحكَ كلّ هذه الحريّة الهادئة.
** **
- د. زكية بنت محمد العتيبي