قاسم حول
«ريكو 33 عاما وبيرو 23 عاما شاب وفتاة من الطائفة الأزدية في شمال العراق، كان يحضران لحفل زفافهما عندما يهاجم ما يطلق عليهم جند الخلافة الإسلامية – داعش، قريتهم، ويأسرون النساء والفتيات الصبايا، ويقومون ببيع النساء في المزاد العلني. تباع الفتيات البريئات وبنيهن بيرو وهي التي كانت تتهيأ لحفل زفافها، ويحصل اغتصاب الصبايا. يعلم خطيبها ريكو بما حدث، فيعمل على إنقاذ عائلته وإنقاذ بيرو مع الفتيات المختطفات في عملية شجاعة» هذه الحادثة هي من جملة الحوادث الحقيقية التي حصلت أثناء إحتلال الدواعش لمدينة الموصل العراقية وبعض قرى شمال العراق. كتبها وأخرجها المخرج حسين حسن من المخرجين الكورد وشاركه في كتابة النص ميهمت أكداس. وهما يقيمان في ألمانيا. سافرا إلى شمال العراق وهناك تم تصوير الفيلم.
مع أن الفيلم هو مشاهد مثيرة لعمليات مسلحة بين الدواعش وأبناء القرى ومع أن الواقع مثير على مستوى الأحداث والعنف ولكن الثيمة الأساسية للفيلم تتمثل في معاناة الفتاة «بيرو» إذ أنها وبعد أن تحررت لم تتمكن من التخلص من تلك المشاهد المرعبة التي مرت بها، مشاهد بيع الأسيرات في المزاد العلني ومشاهد الاغتصاب، ففي كل لحظة من لحظات العيش في المخيمات التي تمكنت الجيوش المعادية للدواعش من تخليص عدد من الأسرى من أبناء القرى يركز المخرج وبالتالي الفيلم على اللحظات التي تداهم العروس المختطفة.
لعل أهم ما أنجزه الفيلم هو عدم الوقوع في الميلو دراما، في الفاجعة التي تقع فيها الكثير من الأفلام المنتجة في المنطقة إذ كثيرا ما تركز الكاميرا ويركز السيناريو على تلك المشاهد الفاجعة، فلقد تخلص منها الفيلم وحقق بدون الوقوع في الميلو دراما التي قد تسبب الكوابيس للمتلقي، حقق وجسد قصة الإرهاب في العالم والمنطقة فحقق ما لم تحققه الكثير من الأعمال السينمائية. الفيلم حصد الكثير من الجوائز وصار موضع انتباه المهرجانات السينمائية التي تسابقت في عرض الفيلم وأنجز للسينا الكوردية نصرا سينمائيا في مسار الثقافة السينمائية.
في مهرجان زاكوره في دورته الرابعة عشرة التي انعقدت ما بين الثلاثين من شهر نوفمبر وحتى الرابع من شهر أكتوبر من هذا العام 2017 أثار الفيلم انتباه المشاهدين وكذلك لجنة التحكيم التي ترأسها هذا العام الهولندي وأستاذ السينما في أكاديمية روتردام السينمائي كورت ديفيدز فإن اللجنة منحت جائزة أفضل ممثلة للممثلة التي لعبت دور بيرو.
وكان الفيلم قد حاز على جائزة المهر الذهبي لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان دبي عام 2016 لكن هذا الفيلم أثار لغطا في مهرجان دهوك السينما الذي انعقد في شمال العراق حيث اعترضت الطائفة الأزدية على الفيلم إذ يظهر الفتيات الأزديات في مشاهد البيع بالمزاد ومشاهد الاغتصاب وهم يعتبرون ذلك إساءة للنساء الأزديات. فيما الواقع الإرهابي يشير إلى عمليات اغتصاب وقتل للصبايا حسب أعراف الدواعش وقد احتجت نائبة أزدية عضوة في البرلمان العراقي وصرخت مستنجدة المجتمع الدولي لما حصل في شمال العراق في القرى الأزدية.
ليس بالضرورة أن يكون الفيلم الروائي انعكاسا حقيقيا للواقع في قصة بحد ذاتها. ولكن هناك حكايات مماثلة كثيرة حصلت لكثير من الصبايا الصغيرات وقد أثارت تلك الأحداث المجتمعات الغربية، فإن المخرج وكاتب السيناريو وهم أمام فيلم روائي وليس فيلما وثائقيا، أن يجسدا هذه الحكاية التي حصلت مثيلها في احتلال الدواعش الإرهابيين لمدينة نينوى والقرى المحيطة بها.
لقد قدم المخرج وببراعة مشاهد مثيرة ومؤثرة حقا ومتوازنة على مستوى الشكل والصيغة السينمائية ما أثار ذلك اهتمام السينمائيين والمهرجانات السينمائية وكذلك الجمهور الذي يحمل الذائقة السينمائية. للمخرج وللممثلين الذين لعبوا شخصيات الفيلم «ريكيش شهباز، ديمان راندي، مريم بوباني وعماد لاغين» كل الإعجاب لتقمصهم شخصيات القصة ببراعة فائقة. لقد قدم المخرج «حسين حسن» توضيحا بصدد الفيلم في لقاء قبل عرض الفيلم في مهرجان دهوك شمال العراق، في أنه قد جلب موافقة ترخيص لعرض الفيلم من المجلس الروحاني الأزيدي وأنهم طلبوا أن يحذف فقط مشهدا هو غير وارد في الفيلم بل ورد في المقدمة الدعائية للفيلم «التريلر» وقد تم حذفه من البروموشن، سوى ذلك فإن الفيلم قد عرض في مهرجان دهوك وحقق نجاحا متميزا ولاشك مثل الكثير من الأفلام ودائما ثمة أصوات احتجاج هنا وهناك .. وغالبا ما تكون أصوات نشاز.
نجح المخرج ووفق لغة سينمائية قياسية في تجسيد شكل الأرهاب وتجسيد ضحايا الأرهاب الذي أربك منطقة الشرق الأوسط برمتها. ليس سهلا وفي ظروف الإنتاج السينمائي أن يتحقق فيلم مثل فيلم «العاصفة السوداء»