يحكى أن أحد الكتاب الأوروبيين ألف كتاباً وذهب لسوق «المعرفة» أو المكتبة واستلم أجره، وبقي فترة طويلة هناك يراقب مقدار الإقبال على كتابه، وقد لاحظ أن الكثير من الزبائن قد تصفحوا كتابه ولكن لم يقدم أحد على شرائه! فما كان منه إلا أن ذهب إلى النهر وألقى «بالفلوس» هناك لأنه اكتشف أنه لا يستحقها.
لا أعلم إن كانت هذه الحكاية واقعاً أم خيالاً، فالأوروبي أو الغربي بشكل عام يتربى على أن الفلوس هي الهدف «الأسمى»، وأن الحصول عليها -حتى بالطرق غير المشروعة- هو شطارة! والغربيون بسياسييهم ومثقفيهم ونخبوييهم وصحفييهم يعيشون على «امتصاص دماء» الشعوب المقهورة دون أخلاق أو خجل! وإني لأعجب من «مثقفينا» الذين يعتبرون الغربيين قدوة، ويتشبهون بهم دون أدنى وازع أخلاقي، بل يروجون «للستايل الأمريكي» والفكر الاستعماري الأمريكي «والإسرائيلي» واللاأخلاق واللصوصية الأميركية والإعلام «النزيه» الأمريكي!
نحن محاصرون بحشد من المثقفين «أبوريالين»، الذين يحتلون بصورهم الكالحة الإعلام المهزوم، ولا يلقون بفلوسهم في النهر، ولو كان لديهم الحد الأدنى من احترام عقلية القارئ لألقوا بفلوسهم وأنفسهم في ... ، ولكن لا يوجد لدينا «نهر» وبحارنا آسنة لا تحتوي إلا على محار خال من اللؤلؤ أو «الفلوس»!
بالرغم من أنني أكتب ولكنني لا أعتبر نفسي كاتباً، وقد انهالت علي أسئلة عن معشر الكتاب ... لماذا يكتب «فلان» صاحب التاريخ والقلم المرموق «كلاماً» ضد أمته وناسه وجماعته «وخوياه»؟ .. جوابي واحد للجميع: الكاتب ليس بجمال ألفاظه، إنما بموقفه الاجتماعي! «حبل» الكاتب «أبو ريالين» قصير، والزمن فضيحة لا بد منها، وإذا كنت متفاجئاً من موقف «فلان» فاسأله هو أو اسأل نفسك، لماذا كنت مخدوعاً به طيلة ما فات؟ فما فات مات وكل ما هو آت آتْ.
في مجرى حديثه عن القدس كتب أحد العباقرة .. متى يصحو الضمير الإنساني؟ .. وبالرغم من أن السؤال تغطية موجعة للعجز، ولكن أنا حقاً لا أعرف هل الضمير الإنساني مستتر أم ظاهر؟ وهل هو متصل أم منفصل عن الإنسانية؟ هل يوجد بالأصل ضمير إنساني؟ وإذا كان موجوداً فهل يخضع لحق الفيتو في مجلس الأمن؟ وإذا كان لا يخضع فهل هو ضد «الكسرْ»؟ أو محصن ضد التكفير؟.. اللهم لا تخرب سباتنا التاريخي هذا، وامنحنا القدرة على الاستمرار في الحلم والخرافة كما الأفلام الأميركية.
** **
- عادل العلي