في السابق كانت المنصات الإعلامية (الإذاعة والتلفزيون والصحافة) تعد من الممتلكات الرسمية، وتعمل جهدها المنظمات للتواصل معها لكي تقدمها في أجمل صورة تظهر من خلالها للجمهور بشكل عام، ويتم دعم هذه المنصات من خلال المواد الإعلانية التي تحقق لها إيراد مادي مرتفع.. وفي نفس الوقت تعمل المنظمات على متابعة ما يصدر من خلال هذه المنصات لمعرفة انطباع الرأي العام حيال خدمة تقدمها أو منتج جديد ومدى الإقبال عليه، ومن ثم تبدأ في كيفية إعداد الردود المناسبة أو التعليق على ما تم رؤيته أو سماعه وتأخذ المسألة شيئا من الوقت لأنه مهما يكن لا بد من إقناع متابعين هذه المنصات من جودة الطرح ومنطقيته لأن ليس من السهل إعادة الاقناع وربما تلك المنصات قد توقف تداول ذلك.. إضافة إلى تحكمها في تسعيرة الاعلان، وقد تكون باهظة الثمن مقابل الكم الهائل من المتابعين وكمية التوزيع وسعة الانتشار وكل ذلك يكون بموجب ارقام معلنة ومعروفة، وبالتالي تبدأ المنظمات في تخصيص ميزانية عالية مقابل الدعاية والإعلان وما يلزمها من مصروفات.
ولكن مع ظهور الاعلام الجديد أصبح لكل منظمة منصة خاصة، وربما أكثر من منصة (الموقع الالكتروني ،الفيس بوك ، توتير ، اليوتيوب ، سناب شات)، وكل هذه المنصات تكاد تتشابه في رسالتها وهي تقديم الصورة الجميلة للمنظمة مع نوعية الخدمة او المنتج وفي المقابل لا تكاد تكون التكلفة المالية تذكر خاصة وانها تحظى بنقطتين وهي (1) الدورة الخبرية السريعة (2) النسبة العالية من المتابعين والتي قد تفوق المنصات التقليدية والتي هي تحت تحكم الغير وليس تحكم نفس المنظمة ولا تخضع (للرقيب)؛ لأن هنا يصبح الرقيب (ذاتيا) لأنه لو كان هناك تجاوز او ضعف في المحتوى فذلك سوف يكلف المنظمة الشيء الكثير لأن كما ذكرنا بأن تداوله سوف يكون لحظياً وبدورة متسارعة جداً .. وفي نفس الوقت من مميزات المنصات الخاصة تقوم المنظمة بالتحكم في توقيت العرض والبث وليس كسابق الامر فهي من خلال فرق عملها المكلفة بذلك ونتيجة خبرة ودراسة وتجارب تستطيع أن تعرف اوقات الذروة والمتابعة والمشاهدة وايضاً التداول وفي نفس الوقت تعمل المنظمات على حسن اختيار الفرق التي تعمل على هذه المنصات لان مطلوب التجاوب السريع وهذا التجاوب يتطلب شخصية تتعامل بقدرة خاصة للرد على المتابعين بما لا يسيء ويعجز عن التوضيح، ويصبح إثباتا سلبيا وإدانة ضدها لأن هنا سيكون الرد باسم المنظمة وليس باسم الموظف...ولو تأملنا أعزائي القراء أننا بدأنا نلمس مع المنصات الجديدة انخفاض معدل الردود على المقالات من المتحدثين الرسميين بالمنصات التقليدية لذلك أرى بأن هذا التوجه قد يجعلها تعيد النظر في نوعية العاملين في حقل العلاقات العامة والاعلام وتحديداً القائمين على (المنصات الجديدة)؛ لأن الجمهور أصبح يجد أكثر من منصة يستطيع من خلال تعدد منصات المنظمة الدخول مباشرة والتعليق أيا كان (سلباً أو إيجابا) دون الحاجة إلى اللجوء إلى المنصات التقليدية ...
ولكن السؤال الذي (قد) يفرض نفسه: هل نتوقع أنه لم يعد هناك حاجة لوجود متحدث رسمي ؟؟
** **
- نبيل حاتم زارع