لا شك أنّ السياسة تعتبر من أهم مقومات الدولة، وبالسياسة الحكيمة تستطيع الدول التعايش مع بعضها، وبها تستطيع خلق مكانة مرموقة للدولة بين الأمم.
وعلم السياسة يدرّس في الجامعات، وقد خصصت بعض الجامعات كلية متخصصة في العلوم السياسة، تخرِّج شباباً مؤهلين تأهيلاً أكاديمياً يعينهم على الاضطلاع بالمهام السياسية التي يكلفون بها داخل دولهم أو خارجها في حالة التحاقهم بالسلك الدبلوماسي في الخارج.
وبعض الدول لا تكتفي بالكليات المتخصصة في العلوم السياسية، بل تعمل على تأسيس معاهد دبلوماسية متخصصة تعطي دروساً في الأمور السياسية، ويتخرج منها أشخاص مؤهلون في العلوم السياسية، ويحصلون على شهادات تعطى لهم لإثبات نجاحهم في الدورات التي التحقوا فيها في تلك المعاهد، وبعض المعاهد يعطي درجة علمية تعامل الماجستير في العلوم السياسية والدبلوماسية.
إلى جانب عقد دورات والاشتراك في الدورات والندوات التي تقام في الخارج وتعقدها المعاهد الاستراتيجية المتخصصة.
كل هذه الأعمال تبرز أهمية علم السياسة، وتبرز الدور العظيم الذي يقوم به الساسة في أعمالهم من أجل معالجة مشاكل وأمراض المجتمعات السياسية، إن جاز هذا التعبير، لأنهم يقولون بأنّ علم السياسة هو طب الاجتماع الإنساني، ولأهمية الأمور السياسية فقد شكّلت وزارات للخارجية ضمن التشكيلات الوزارية في كافة الدول.
وغالباً ما تسند حقيبة وزارة الخارجية إلى أشخاص نابهين ومتمرسين في الأمور السياسية، وكثير من الدول تختار بدقة بعد تمحيص ودراسة متكاملة الأشخاص المراد تكليفهم بالأعمال السياسية كسفراء لها في الخارج، لأنهم يعطون صورة حقيقية عن بلادهم التي يتشرفون بتمثيلها في الخارج، وقديماً قالت العرب إن شخصية المرسول تعطي انطباعاً عن شخصية الراسل وهكذا، وكثيراً ما أدى الجهل بعلم السياسة إلى شقاء البشرية.
قال لوبون: إنك لا ترى أحداً لم يقرأ الفلك أو الجبر ثم يحاول حل مسائل فلكية، أو معضلة جبرية، ولا نرى أحداً كذلك لم يتعلم التشريح ثم يحاول أن يخيط عرقاً مقطوعاً مثلا، ولكن نرى كل يوم رجالاً لا يفقهون شيئاً من علم السياسة يسوسون الأمم، ويضعون القوانين، ويسنون النواميس غافلين عن الأخطاء والأزمات، والمشاكل التي تنجم عن عملهم هذا، مع أن خطأ الجاهل بالطب يودي بشخص واحد، وهذا الخطأ يودي بأمة بأكملها.
وفي هذا السياق قال الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولت فبالأشرار تنقاد
إذا تولى سراة الناس أمرهم
نما على ذاك أمر القوم فازدادوا
ورقة من التقويم:
قال صعصعة بن صوحان: خلق الله الناس أطواراً، فطائفة للسياسة، وطائفة للفقه والسنّة، وطائفة للبأس والنجدة، وآخرون بين ذلك يكدِّرون الماء، ويغلّون السعر، ويضيقون الطريق.
** **
- وكيل إمارة منطقة القصيم سابقاً