تقع منطقة الحدود الشمالية في شمال وطننا الغالي وتُحيط بها دولة العراق من الجهة الشمالية وتقدَّر مساحتها بـ 130 ألف كيلو مربع وتتميّز بموقعها الجغرافي الإستراتيجي، حيث تقع على مثلثٍ دولي من جهة الشمال العراق وتركيا والطريق إلى دول أوربية ومن جهة الغرب الأردن وسوريا ولبنان ومن جهة الشرق دول الخليج العربي، وتأسست معظم مُدنها الكبرى من قبلِ شركة التبلاين وتعتبر المنطقة وعاصمتها ومحافظاتها الرئيسية مكتملة المرافق.
وتكتسب منطقة الحدود الشمالية أهميةٍ قصوى لدى الدولة فهي إحدى المناطق الخمس المستهدفة بالتنمية الشاملة، وتحت أرضها يتوفر أكبر احتياطيات العالم في الفوسفات والغاز في منطقة حزم الجلاميد بمحافظة طريف وتعمل الدولة على استثماره، حيث رصدت له 26 مليار ريال لإنشاء مدينة صناعية، واقتربت اليوم من إنهاء سكة حديد تربط الحدود الشمالية بالمنطقة الشرقية ومن ثم منطقة الرياض مما سيجعل للمنطقة في حالة ازدهار اقتصادي من جراء نقل الفوسفات وإقامة مصانع مرادفه للصناعات التحويلية لهذا الخام، هذا بالإضافة إلى توسعة كبيرة لمطارها الإقليمي الذي يتطلع الأهالي إلى أن يكون دولياً بعد التوسعة وتهيئته لاستقبال خطوط محلية أخرى ودولية، كما أنّا في منطقة الحدود الشمالية العديد من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصر ما قبل الإسلام في محافظتي عرعر وطريف وتشاهد في الأساسات الجدارية لقصر (دوقرة) كذلك مواقع أثرية في رفحاء ولينة، وترجمة الدولة الاهتمام الكبير بهذه المنطقة بإنشاء جامعة شاملة تخدم العاصمة ومحافظاتها ومراكزها والمناطق القريبة منها, وأطلقت الحلم الأكبر للمنطقة وهي المدينة الاقتصادية (وعد الشمال) الذي سيوفر نهضةً اقتصادية كبرى وسيُجلب إليها رأس مال محلي وأجنبي يساهم في دفع عجلة الاقتصاد والناتج المحلي ومعه سيتوفر عشرات الآلاف من الوظائف التي ستتناسب مع كل التخصصات وسيغير هذا الحلم وجه المنطقة بالكامل بعد إنجاز بنيته الأساسية واكتمال مراحله.
ولعل من يُمن الطالع لهذه المنطقة وتأكيداً على الاهتمام بها أنها وفقت في تعيين أمير شاب يحمل في نفسه هدفاً ورسالة ورؤية لهذه المنطقة قاله في أكثر من مناسبة (أتيتُ لأُحقق تطلعات ولاة الأمر في خدمة هذه المنطقة وخدمة ساكنيها وزائريها والمستثمرين فيها، بالإضافة إلى تحقيق ذاتي في خدمة وطني وتنمية الإنسان والمكان) وسيُعيّن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية وجود رؤية وطنية واضح المعالم محددة المحاور ذات مؤشرات أداء دقيقة وخطط زمنية مرحلية على خمس سنوات لكل مرحلة وهي الرؤية الوطنية 2030 وبرامج للتحول الوطني 2020 و 2025 و2030 مع مبادرات زمنية دقيقة قد أطلقتها الوزارات والهيئات الحكومية لتحقيق ما ورد في الرؤية والتي لا شك ستستفيد منها المنطقة مثلما هي بقية المناطق وسيلمس الجميع مقدار التغيّر في خطط التنمية من خلال مجلس الاقتصاد والتنمية ومتابعته للإنجازات.
إن مع العزيمة والإصرار وصدق النوايا والأخذ بالأسباب التي عرفناها من سموه الكريم في أكثر من لقاء سنقول قريباً إنه لا مستحيل مع همة الشباب المطعمة بأهل الخبرة داخل المنطقة وخارجها من لجان وفرق عمل قد شكلها سموه لتحقيق تطلعات الدولة في تنمية شاملة لأرجاء الوطن فلا فرق لديها ما بين عاصمة وساكنيها في وسطها أو في شرقها وغربها وجنوبها وشمالها فالمواطن واحد والتنمية شاملة والرخاء والرفاء مكفول للمواطن على أرض وطنه وهذه الفرق واللجان الاستشارية كما ذكر سموه فيها ما يعمل بشكل دائم طيلة أيام الأسبوع ومرافقون معه في المنطقة ومنها ما هو في الرياض ويتواصلون بشكل دائم عبر وسائل التواصل وفي نهاية الأسبوع يجتمعون به.
ختاماً, إن هذه المنطقة في حاجة إلى التفاتة مماثلة للقطاع الخاص الذي يعوّل عليه كثيراً في مستقبل الوطن لكي يساهم مع الدولة في تنميتها، فالاستثمار فيها مؤكّد النجاح والأرباح كذلك لأنها أرضٌ بكر ستستوعب جميع النشاطات وكل مجالات العمل، ولعل النسق البشري والتجانس الاجتماعي يكفلان الأمان في الاستثمار لكل من يجعل أرض الحدود الشمالية مقراً لمشروع تنموي، فهي محتاجة للعديد من مجالات التنمية، وإمارة المنطقة والجهات الرسمية فيها على استعداد لتذليل كافة الصعوبات وتوفير كل الوسائل المعينة على نجاح الخطوة القادمة لرجال وسيدات الأعمال في وطننا الغالي قبل أن يستهدف تنمية المنطقة رأس مال أجنبي يزاحم الوطني في خدمة وطنه ومواطنه، ولا ننسى الازدهار القادم للمنطقة بفتح المنفذ الحدودي مع العراق (جديدة عرعر) خلال أيام قليلة قادمة والذي كان مغلقاً لأكثر من 27 عاماً وتم في الأسبوع الماضي ترتيب الافتتاح وإعادة التشغيل للمنفذ وما سيصاحب ذلك من ازدهار في تجارة التصدير والاستيراد من وإلى دولة العراق، وهذا يستلزم العجلة في دراسة الفرص المتوفرة بعد فتح المعبر الحدودي وستقل كلفة النقل على رجال الأعمال إذا كان لهم وجود تجاري أو صناعي بالمنطقة.