ميسون أبو بكر
سمعت عن أمسيات في كولومبيا يجتمع فيها عشرات الآلاف من الجمهور وقوفا وتحت سماء ممطرة، ولشعراء لا يتحدث أهل المنطقة لغتهم، لكنهم يجتمعون لسماع الشعر الذي يتلقونه بمشاعرهم وأحاسيسهم.
وجماهير في إسبانيا ودول أخرى وشعراء من مختلف اللغات والأجناس والقارات قد لا تصل للجمهور سوى أحاسيسهم ولغة الجسد بعيدا عن غياب الترجمة الحرفية للشعر.
كانت هناك مهرجانات عربية ذائعة الصيت وكان هناك شعراء جماهيريون لهم من الحضور من يسافر بحارا ووديانا لسماعهم والفوز بلقائهم، وبعض أولئك الشعراء مضوا وبعضهن حاضر والجمهور غائب وقليل.
كتب أحدهم قبل سنوات عنوانا لمقال كبير «الشعر بمن حضر» وليس في هذا إلا عزاء للشعراء الذين يثبط حماسهم قلة الحضور أو انشغال من حضر بجوالاتهم والانزعاج من رنين الهواتف التي لا تهدأ طوال الأمسية.
وأنا أستمع لقصيدة قرأتها إحدى الشاعرات وهي ذات النفس الطويل، تساءلت: هل الجيل الحالي من الشباب قادر على الاستمتاع بأمسية شعرية بالفصحى وبجمهور قد يضاهي الجمهور الرياضي؟! علما أن هذا الجيل هو جيل الأيفونات والسناب والفلاشات السريعة؟ هل ستكون ذائقته الشعر وهو الذي تجذبه وسائل أخرى دخيلة على موروثه اللغوي والشعري؟
من يا ترى يصنع ذائقة المجتمع؟ وأين دور الشعراء وأقصد منهم شعراء الجيل الماضي؟ هل أغلق بعضهم الستائر واعتزل في عالمه الخاص به نائيا بنفسه عن جيل التكنولوجيا؟
لن أغفل ذكر فعالية أقامتها الأسبوع الماضي جمعية الثقافة والفنون بالشرقية «مهرجان الشعر الثالث» دورة الشاعر الكبير علي الدميني والتي ذكرتنا بمهرجان جرش والمربد وحناجر شعرائهم حيث تألق الشعراء علي الدميني الرمز الشعري السعودي الكبير وعبدالله الصيخان صاحب الصوت الرخيم والشاعر الجماهيري جاسم الصحيح وعبدالله ثابت وآخرون.
هناك صالونات أدبية خاصة تألقت فيها القصيدة بحضور نخبوي جميل، وصلنا منها مقاطع عبر اليوتيوب كنا ننتظرها مهما اختلفت وتباعدت سبلنا منها صالون ميسون السويدان الذي أعاد لنا سيرة صالون مي زيادة.
الشعراء فرسان حملوا حلم الوطن وضمير الأمة، وتقول غادة السمان إنه لا مكان لنا على خارطة العالم دون إبداع، والشعر هو الإبداع الأول والذي سعى إليه أصحاب السمو والسعادة سواء بحمل لقبه أو استقطاب الشعراء في مجالسهم، ولا أعتقد أن جيلا تغريه رومانسية المسلسلات المدبلجة هو جيل غير شاعري وليس للشعر سبيلا إليه.
هيئة الترفيه لم تغفل ضمن فعالياتها دور الشعر ووهجه فكان ضمن أجندتها قبل أسبوعين
أمسية شعرية تعد الأولى في الرياض، نظمتها الهيئة العامة للترفيه تحت شعار «أمسيات المملكة» وإننا نأمل أن يكون هناك مهرجان شعري تكون البيئة ملهمة للشعراء وجاذبة للجمهور لعل مقره في حضن مدينة أثرية أو في مخيم تمايس الصحراء بكائناتها قريحة الشعراء ومشاعر الحضور، وإنه ليس ببعيد عن دولة انطلق منها شعراء المعلقات وأهم شعراء العرب وخلدت قصائدهم مناطقها وتضاريسها.