زكية إبراهيم الحجي
ترى ما الذي تبقى من وعينا إذا كنا نؤذي أنفسنا بفوضى الإهدار والإسراف غير المبرر والرغبة الجامحة في اقتناء سلع وكماليات ليست من أولويات الضرورة في حياتنا.. وما الذي نجنيه من تقليد أعمى ومبالغة في أنماط الاستهلاك الترفي النازف للجيوب.. والمؤثر سلباً على الراتب الذي نتقاضاه شهرياً أياً كان مقداره.
1/1/2018 بدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة لأسعار عدد كبير من السلع الاستهلاكية وأسعار البنزين وفواتير الكهرباء والماء.. ومع صدور القرار وبداية التطبيق الفعلي كانت وما زالت مواقع التواصل الاجتماعي تضج بردود فعل متباينة حول ضريبة القيمة المضافة رغم أنها طُبقت وأصبحت سارية المفعول لذلك فكل نقاش وتحليل أو تشكي حول أمر مفروغ منه ليس سوى دوران حول حلقة مفرغة.
السؤال الضروري الذي يجب أن نوليه جلَّ اهتمامنا هو: ترى ما دورنا نحن كأفراد وأسر ومجتمع في تخفيف شعور المعاناة من عبء مادي سيؤثر بشكل مباشر على نمط حياتنا ومستوى معيشتنا.. وبالتالي يكبح انفعالنا العاطفي ويقضي على فوضى وعشوائية تبديد الدخل ويحول دون الوقوع بين فكي كماشة الديون والقلق المستمر.
حقيقة لا يمكن إنكارها نهائياً وهي أننا مجتمع يعشق الإسراف والتبذير والترف الاستهلاكي.. باختصار نحن وللأسف مجتمع بمختلف طبقاته الاجتماعية وفئاته العمرية بما فيهم بعض من ذوي الدخل المحدود تهيمن علينا ثقافة الاستهلاك السلبي والمبالغة في الإسراف لإشباع احتياجات غير ضرورية وليس ذلك فقط.. بل حتى أنماطنا الاستهلاكية تشير وحسب المثل العامي «ما يملى عينا شي» فتسوقنا لشراء احتياجاتنا الضرورية من مواد غذائية وغيرها نبالغ في شراء كميات تفوق احتياجاتنا بنسبة كبيرة هذا عدا اقتناء كل جديد من الأدوات الكهربائية والسيارات والمباهاة بتغيير أثاث المنزل والمبالغة في إقامة الحفلات.. حفلات تخرج وأعياد ميلاد ومناسبات الزواج كل ذلك دون التفكير بعقلانية حول الأضرار المترتبة على هذا الاندفاع في الإسراف الذي تظهر آثاره على المدى البعيد.. ناهيك عن هدر الماء فقطرة ماء تساوي حياة والاستهلاك الجنوني للكهرباء.. إن تداخل أسباب وظواهر الاستهلاك في مجتمعنا يرتبط بشكل مباشر بجانب غياب الوعي فطريقة تعاملنا مع المال تنطلق من فهم خاطئ باعتباره وسيلة إنفاق ليس إلا.. وهنا تأتي ضرورة النظر بعين الجد والحزم من قبل الأفراد والأسر والمجتمع بكافة أطيافه لتغيير أنماط سلوكنا الاستهلاكي بحيث يتزن بالاعتدال والتعقل والحكمة وبالتالي يتناسب مع مستوى دخل الفرد أو الأسرة.. فإذا كانت الحاجة إلى تقنين استهلاكنا في كل وقت فإنها أشد ضرورة في وقتنا الحالي لاسيما في هذه المرحلة التي أصبحت فيه القيمة المضافة واقعاً لا مفر منه.