المجموعة القصصية فن التخلي للقاص عبد الله ناصر صدرت طبعتها الثالثة عن دار التنوير بالقاهرة..
ويقول القاص في إحدى قصص المجموعة:
كانت تقرأ في الأمس القريب رواية موبي ديك لهيرمان ميلفل، وها هي الآن تشرب قهوتها المرة في مكتبها الذي يقع في الدور الثالث، وتطيل النظر دون أن تتوجه نحو النافذة للبحر الذي لا نهاية له، ثم تقف لتخلع حذاءها على عجل وتبلل قدميها بماء البحر الذي يبعد عنها مسافة ألف كيلو متر.
ويقول القاص في قصة لحياة أخرى:
لا يمكن السفر بعيداً، لكنه يقتني الكثير من الخرائط، لا يرتبط بموعد غرامي، لكنه يعود متأخراً إلى البيت.
لا يخاف من فقدان ذاكرته لكنه يحتفظ بكرات النفتالين طي ماضيه. لا ينام لكنه يغمض عينيه لثماني ساعات متواصلة.
لا يكتب الشعر، لكنه يقتصد في ألفاظه كما لو كانت هايكو. لا يتمدد مثل جسر لكن يعبره الآخرون. لا ينتسب للبحر لكنه يتردد جيئة وذهابا مثل موجه. لا ينتظر شيئاً ولكن يشعر بأن قدره الوقوف مترقباً مثل شرفة.
وفي قصة هذيان يقول القاص عبد الله ناصر:
عندما يصاب بالحمى ويغلي رأسه دون بدنه يتفوه بجمل رزينة أشبه ما تكون بالحكم والأمثال، وما أن تغادره الإنفلونزا حتى يعود لترديد السخافات.
كان المرض إذن فرصته المثلى والوحيدة لكتابة أولى قصصه، لذا حينما هطل المطر ركض إلى الخارج في الوقت الذي كان فيه الجميع يجري إلى الداخل. وحالفه الحظ حين طرحته أرضا نزلة برد لم يفق منها إلا بعد أيام كانت كافية لينجز قصته التي تدور أحداثها في سانتو دومينغو التي لم يسمع بها يوماً.
إنها قصة بديعة نشرتها الصحف وحازت إعجاب القراء.