فوزية الجار الله
ثمة حقيقة تفرض نفسها دائماً وأبداً، العالم يتغير، كل ما يدب ويسير على هذه الأرض يخضع لسنة التغيير، إذا كانت الجبال والجزر ومواقع النجوم تتحرك وتختلف صعوداً وهبوطاً بسبب تقلبات الطقس المناخية التي تعم الكون فما بالنا بأمور أخرى تتعلق بالإنسان وبما يحدث حوله من تغيرات تكنولوجية ورقمية.
منذ أن بدأ ظهور الإنترنت رافقه أسئلة تطرح هنا وهناك حول تأثير الإنترنت على الكتاب وهل سيأتي ذلك اليوم الذي تتراجع فيه أهمية الكتاب ويصبح شيئاً من الماضي، وإذا كان هذا شأن الكتاب فإن الأمر بالنسبة للصحف اليومية يبدو أكثر وضوحاً في الوقت الحالي، بعد ما يقارب العقدين على ظهور الإنترنت ومن ثم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى شيوع استخدام الهاتف الخليوي كوسيلة سهلة في متناول الجميع وسهلة التصفح، كل تلك العوامل أثرت كثيراً على الصحف الورقية اليوم التي أصبحت تتراجع إلى الخلف يوماً بعد يوم وذلك على مستوى العالم وليس المستوى المحلي وحسب.
فبحسب المجلة السعودية «فكر» الصادرة من الرياض توقفت (ذي لندن بيبر) المسائية عن الصدور بعد 3 سنوات من انطلاقها وتوزيعها نصف مليون نسخة يومياً في لندن وكانت تتلقفها الأيادي من 700 موزع منتشرين في أنحاء لندن مجاناً مساء كل يوم. وقد سبق إغلاق هذه الصحيفة الإعلان عن إغلاق أكثر من مائة صحيفة محلية في بريطانيا بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والمنافسة الحادة مع الإعلام الإلكتروني.. وفي العالم العربي تحولت مجلة الأسبوع العربي التي صدرت قبل خمس وخمسين عاماً إلى النسخة الإلكترونية كلياً.
أما بالنسبة للصحف المحلية ففيما يبدو أنها تعاني كثيراً حالياً وأنها لن تصمد طويلاً مالم تتجه بقوة وبشكل مميز نحو الصحافة الإلكترونية، فبحسب الموقع الإلكتروني رصيف 22 نقرأ مايلي: (... كشفت مصادر في الشركة الوطنية للتوزيع، لرصيف22، أن النسخ الموزعة تراجع عددها بشكل كبير، تحت ضغط تراجع المبيعات. وتقول المصادر: «لا تتجاوز المبيعات حالياً 30 % من تلك التي كانت قبل أربع سنوات).
ونعود إلى ما ذكرته مجلة فكر، حيث تشير إلى أنه قد ورد في الإحصاءات بأن عدد الوظائف في الصحافة الورقية الأمريكية قد تقلص بحوالي 30 % منذ عام 2008، ومن المتوقع أن تستمر هذه العملية بوتيرة أسرع في المستقبل..
وتتابع المجلة حديثها قائلة: (وهو ما دعا مؤتمر (ألوان) الذي يصدر تقارير عن أهم أحوال الصحافة في العالم إلى التأكيد -في أغسطس 2010- على أن ما يعادل 1.7 مليار شخص يقرؤون الصحافة الورقية في العالم، لكن في مقابل هؤلاء فإن هناك حوالي مليارين من البشر يتعاملون مع الإنترنت وصحافته الإلكترونية.
كان الله في عون القائمين على الصحافة الورقية، لا يبدو الأمر سهلاً للتحول بقوة إلى الصحافة الإلكترونية ولكنه في الوقت ذاته لايبدو ذلك أمراً مستحيلاً.