عبده الأسمري
نستهل عاماً جديداً بعد أن أسدلنا الستار بالأمس عن عام مضى.. البعض يتجادل في القيمة المضافة وآخرون يتعاركون على فتوى تحريم وتحليل التهنئة بالعام الجديد ونوع يرصد ميزانية ووجهات الإجازة الفصلية للأسرة والكل لاهث وراء اتجاهات مختلفة. في خضم هذه التبعات والمتابعات التي تخضع للاستقصاء والتقصي والبحث والاستعداد يتابع الإنسان حساباته المصرفية يوميًا وحافظة نقوده وسيارته ومنزله ويتفقد أوراقه الثبوتية ويرصد التوجس في أفق العام الجديد ومصائر الخسائر في العام الماضي.. ولكن هل وضع الناس كشف حساب نفسي وسلوكي وحياتي لما مضى وتهيئة منطقية للعام الجديد أم أن الاستقبال يكمن في ترتيبات حياتية مكررة وبيروقراطية سلوكية بائسة ودوامة معيشية مستديمة.
هل وضع كل إنسان كشف حساب يتضمن هفواته وأخطاءه ونجاحاته وإخفاقاته هل عمل مقارنة بين المفترض والمنجز؟.. هل جعل السنة التي مضت إضافة في سيرته الذاتية الحياتية كعام نضج وزمن خبرة تسير به نحو المستقبل؟.. هل رأى حجم السلوك النافع ومساحة التعامل المجدي في تعاملاته؟ هل أفاد المجتمع أم كان رقماً هامشياً؟.. ماذا سجل في مذكرة وقته من إنجازات على محيط أسرته ومحيطات اتجاهاته في عمله وعلمه.. ماذا ستقدم وتضيف له سنة الخبرة الجديدة؟
سنوات الخبرة وظيفيًا ترفع راتب طالب العمل وتميز متقدما عن آخر فما شأن سنة من الحياة أمضى فيها الإنسان 365 يومًا كاملة.. هل رصد أو تعمق في تفاصيلها وأعمالها وخبراتها هل تلقى فيها تدريبًا وتأهيلاً سلوكيا لمواجهة ضغوطات الحياة هل بات ناضجا أكثر مما مضى؟. هل تيقن بوجود رصيد العام في ميزان العمل واتزان الأثر وموازنة العمر؟
..مثلما تقاس الأعمال بالشهادات والدورات وخبرات الوظيفة والمسؤولية فإن الحياة تقاس بكشف حسابات العمر.. بسجلات الإنسان.. فهل منا من وضع كشف حساب لما مضى يتضمن كل الأمور الدينية والدنيوية وهل استفاد الإنسان فعلا من العام الماضي هل سيغير الأخطاء ويجدد الفكر ويبدل الحال ويطور النفس ويبلور السلوك؟ هل سيكون حذرًا من غياهب أخطائه التي وقع فيها.. فطنًا نحو تعديل أسمى لسلوكه الإيجابي؟.. هل تفحص الوجوه المغادرة التي رحلت عنه للعبرة وتأمل في الوجوه الغادرة التي أساءت إليه للاعتبار.. وما مدى استفادته من التجارب. وإفادته في وطنه ومجتمعه ومحيطه؟
العام الجديد يستحق التأمل والتدبر مع ضرورة أن يكون لدى كل إنسان كشف حساب لا يتجاوز منه ساعة من التفكير والتدبير ليسجل السلبيات والإيجابيات ليستفيد من عام إضافة في سيرته الذاتية مستهلا عامًا آخر بروح جديدة تضع التفاؤل عنوانًا والأمنيات تفاصيل مستلهمة عمق التجربة ويقين الأمل وموجبات الدافعية وعزائم الطموح.