أ.د.عثمان بن صالح العامر
إيران تحترق، هذا هو المشهد الأبرز والخبر الأهم في نهاية الأسبوع الماضي ومطلع هذا الأسبوع، وما زال الحدث قائما بكل تداعياته الرسمية والشعبية المؤسساتية والشخصية الداخلية والخارجية، ولَم يكن هذا ليحدث لولا إرادة الله عز وجل أولاً ثم تمادي الحكومة الإيرانية في الغطرسة والتجني وتجاوز كل القيم الدولية والأعراف العالمية التي لا تخفى، فضلا عن تجاهلها الغضب الشعبي العارم والتأزمات الداخلية المستعصية التي يرزح تحت وطأتها شريحة عريضة من الشعب البائس المسكين المضلل سنوات طويلة بالشعارات المقيتة، المصفد ردحاً من الزمن بالعقائد الفاسدة، المؤدلج منذ عهد آية الله الخميني، البائس حتى اليوم بنظرية ولاية الفقيه السياسية الفاشلة.
لقد مارس نظام الملالي الإيراني جميع صور التنكيل والتعذيب والتجويع والتخويف، فضلا عن تدخله السافر في النظم السياسية في الدول العربية عموما والخليجية على وجه الخصوص، عبر مليشيات وجيوب عسكرية واستخباراتية، وأخرى سياسية واقتصادية، وثالثة فكرية وعقدية وجاء اليوم الذي يمزق فيه المتظاهرون -الذين بلغوا في الأحواز فقط أكثر من 50 ألف متظاهر- صور خامنئي، ويرددون وسط العاصمة طهران (الموت لك)، جاء اليوم الذي يهرب فيه هؤلاء الدجالون إلى المجهول بلا رجعة بإذن الله، جاء اليوم الذي تعلن فيه زعيمة المعارضة الإيرانية أن «إسقاط النظام الإيراني الإرهابي هو أول خطوة للخروج من أزمة الفقر والغلاء والجوع والبطالة التي تتصاعد يوميا».
إن ما يحدث داخل إيران هذه الأيام سواء في شوارع العاصمة طهران أو في بقية المناطق والمدن -في اعتقادي الشخصي- أمر متوقع، بل جاء متأخراً بعض الشيء، لأن ما مورس ويمارس من ظلم وعنجهية وطغيان واستبداد على الشعب الإيراني خاصة السني منه -باسم الدين ومن أجل آلِ البيت وتحت دعوى استرداد الحق المسلوب تمهيداً واستعداداً لخروج الإمام الغائب المختبئ في السرداب- لا يمكن أن يتحمله بشر، ولا يستسيغه عقل يجرؤ صاحبه أن يجمع قواه فيخرج متمرداً على ثقافة القطيع وسياسة الديكتاتور.
إزاء هذا الحدث المفصلي في تاريخ الصراع العربي - الفارسي من الواجب علينا أن نحتفي بهذا الحدث، وننصر المظلوم بالدعاء على نظام الملالي الفارسي البغيض الظالم بكل ما تعني الكلمات من دلالات ومعانٍ، ونشر تاريخه الإرهابي الدموي من خلال الوثائق والشهادات الحية والمكتوبة، ونقل الأخبار أولا بأول وترجمتها من الفارسية إلى العربية، والرد على الأغاليط والتلفيقات التي تمارسها قناة الجزيرة ومن على شاكلتها من الإعلام الموالي لطهران القديم منه والحديث الذي ما زال يعتقد أن أكاذيبه وتحريفاته تنطلي على العقل العربي كما كان عليه الحال من قبل، ودعم الجهود العالمية الرامية لتفكيك منظومة الإرهاب الدولي الذي لنا نحن في المملكة العربية السعودية قصب السبق في التشخيص لهذا الداء الخبيث القاتل، ووصف الدواء الناجع الفعّال لكل من أراد صادقاً مواجهته ومدافعته وتجنب آثاره المدمرة التي كادت أن تأكل الأخضر واليابس في كثير من بلادنا العربية خاصة الخليجية منها لولا يقظة وفطنة وحذق ودهاء وكياسة قادة بلادنا المملكة العربية السعودية حفظهم الله.
إننا في مرحلة من التاريخ صعبة جداً وتحتاج منا إلى الثقة بالله عز وجل أولاً ثم الثقة بنهجنا الوسطي السلفي الصحيح، وتحركاتنا السياسية المدروسة، واستراتيجياتنا المستقبلية الواعدة، ووضع اليد باليد ومد الساعد للساعد والتكاتف والتعاضد خلف قيادتنا العازمة الحازمة التي وقفت بتوفيق من الله وفضل ومنة سداً منيعاً إزاء الأطماع الفارسية والإرهاب الإيراني الذي لَبس لبوس الدين وهو منه براء، علينا أن ندرك حجم التحديات التي تحيط بِنَا والخيانة والدسائس والطعن بالظهر التي جاءتنا ممن لم نتمنى في الأساس أن تكون منهم، أعني الساسة والقادة القطريين الذين خانوا الجيرة وكفروا النصرة والإعزاز طوال هذه السنوات وأداروا لنا ظهر المجن جهاراً نهاراً نصرة لأعدائنا الحقيقيين في أرض فارس، علينا ألا نفتر عن الدعاء لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية قادة وعلماء وجنداً وشعبا، فاللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم آمين. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.