يوسف المحيميد
حينما خرج الإيرانيون إلى الشوارع، يحملون اللافتات، مطالبين برحيل المرشد الأعلى علي خامنئي، لم ينددوا بالفقر والبطالة التي يعانون منها فحسب، وإنما أدركوا جيدًا أن الأموال والثروات التي يفترض أن تعود على المواطن الإيراني بالخير والرخاء، إنما تذهب إلى دول أخرى، كلبنان وسوريا واليمن وغيرها، حيث نددوا بالتدخل في شؤون الغير، بالذات في الدول العربية والإسلامية، فتلك الشرارة التي انطلقت من أصفهان كانت ثورة أحرار وشرفاء أيقنوا أن جوعهم سيمتد لعقود طويلة طالما أن مراهقات حكومة الملالي تستنزف مواردها من النفط والغاز في حروب خاسرة.
ولأول مرة يردد المتظاهرون شعارات «الموت لروحاني الموت للدكتاتور»، و»أمتنا يقظة، سئمت من السرقة» ويستعيدون ذكرى الحياة الحرة الكريمة زمن الشاه، وهذه المظاهرات الحرّة لم تكن الأولى منذ بدء المأساة السورية، بل كانت المظاهرات تنطلق على فترات متباعدة في طهران، ومشهد، وأصفهان، لكنها كانت تصاحب بتعتيم إعلامي كبير، فضلاً عن القمع السريع والملاحقة العسكرية لهؤلاء المتظاهرين المسلمين، هؤلاء هم الجيل الشاب، الجيل الجديد في إيران، الذي ولد مع الثورة الخمينية، ولم يعرف غير الحروب المتتالية، ووصل إلى مرحلة الغضب من الوعود الكاذبة، ومن إهدار الموارد والثروات على دعم الميليشيات الإرهابية في الدول العربية، ومن السرقات وحرمان الشعب الإيراني من حقوقه، ومن حياة حرة كريمة.
ما يحدث في إيران يثبت أن الصمت وإن طال، لا بد وأن ينكسر، ويأتي يوم يتمرد فيه الإنسان على صبره وانتظاره، ذلك اليوم الذي تصل فيه البطالة ذروتها، ويبلغ الفقر منتهاه، والجوع أقصاه، عندها لا يتبقى لهذا لإنسان شيء، لا مكاسب يحافظ عليها، ولا مستقبل ينتظره، يصيح كل شيء في نظره سواء، وهذا ما يحدث في دولة تعد من أكثر الدول إنتاجًا للبترول والغاز!