محمد سليمان العنقري
شهد العام الحالي تحولات مهمة في الاقتصاد المحلي يمكن اعتبارها منعطفًا تاريخيًا له تأثيرات كبيرة على المستقبل فبعد اعتماد رؤية 2030 م العام الماضي بدأت في هذا العام الاستعدادات الفعلية لتنفيذ التحولات الأساسية التي ستكون ركائز تحقيق الرؤية.
فعام 2017 م لم يكن سهلاً إِذ شهد مدة طويلة من التضخم السلبي بالاقتصاد المحلي استمرت عشرة أشهر وذلك نتيجة لعوامل عديدة أبرزها تنفيذ خفض إنتاج النفط بموجب اتفاق دول أوبك مع المنتجين من خارجها إضافة لهيكلة الإنفاق العام وفق آليات تتناسب مع غموض الاقتصاد العالمي والتحوط الملائم لمنع أي صدمات اقتصادية مفاجئة تنعكس سلبًا على خطط التحول وأهداف الرؤية فهو كان عامًا اختباريًا لأسواق النفط وأين ستستقر الأسعار ومدى الجدية بالتزام خفض الإنتاج من الدول المنتجة إضافة لترشيد الإنفاق ورفع كفاءته وتحسين الإيرادات غير النفطية وخفض العجز، بل يمكن اعتباره عام التحدي لأداء بعض الجهات التي غيرت وطورت من أعمالها وطرق تنفيذها لها كوزارة المالية التي طبقت نموذجًا جديدًا لبناء الميزانية للعام المقبل كما شهد هذا العام إطلاق برنامج حساب المواطن مما يعني أن سلسلة رفع الدعم عن الطاقة والوقود والمياه ستبدأ من العام المقبل وتستمر حتى تحقيق التوازن المالي عام 2023 م ليتمكن الاقتصاد المحلي من النمو واستيعاب التكاليف الجديدة وهو ما يعد أبرز التحولات بالاقتصاد الوطني ليكون أكثر تركزًا على رفع وتحسين الإنتاجية وكفاءة الإنفاق وإيصال الدعم لمستحقيه من الفئة المستهدفة بالمجتمع بعد أن كان يشمل الجميع ويستفيد منه المستهلك الكبير للسلع والخدمات.
لكن الحدث الأهم كان تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي رصدت مخالفات ضخمة تقدر قيمتها بنحو مائة مليار دولار قام بها متنفذون تم توقيفهم ليكون هذا المنعطف تاريخيًا بمحاربة الفساد ويسهم بدعم تنافسية الاقتصاد وبكفاءة الإنفاق والحفاظ على المال العام، ولعل من أبرز ما شهده العام الحالي إطلاق مشروعات إستراتيجية ضخمة كمدينة «نيوم» التي ستكون مركزًا اقتصاديًا دوليًا بتكلفة متوقعة بنحو 500 مليار دولار من استثمارات حكومية وكذلك القطاع الخاص إضافة لمشروعات ترفيهية عديدة وكذلك استثمارية ضخمة بعديد من المناطق ستمثل تحولاً مهمًا باقتصاديات كل منطقة عند تنفيذها مع تغيير بنسب تأثير قطاعات السياحة والترفيه والأعمال اللوجستية في الاقتصاد الوطني ارتفاعًا مما هي عليه حاليًا.
كما يضاف للتحولات الاقتصادية الاستعدادات لتطبيق ضريبة القيمة المضافة مع بداية العام المقبل التي ستصبح واحدًا من مصادر الدخل المهمة للخزينة العامة إضافة لتأثيراتها الاقتصادية الأخرى خصوصًا بتوجيه استهلاك الفرد ليكون أكثر كفاءة مع مساهمتها بكشف تكاليف السلع والإنتاج ومعرفة حجم الربح الحقيقي على السلع والخدمات بنسبة كبيرة توفر قاعدة بيانات مهمة للمستقبل تستفيد منها كافة الجهات المعنية وكذلك القطاع الخاص والأفراد، كما شهد العام الحالي تطبيق الضريبة الانتقائية على السلع الضارة إضافة للبدء ببرنامج التوطين الموازي الذي سيغير من طريقة احتساب نسب التوطين وإن كان سيمثل تحديًا كبيرًا أمام المنشآت حتى تتكيف معه وتستوعب تكاليفه لكن بالمجمل فإن القطاع الخاص بالرغم من أنه سيواجه ارتفاعًا بالتكاليف بداية من العام المقبل إلا أنه حظي ببرامج دعم مهمة ستسهم بتحسين أدائه تتلخص بتقديم تمويل متنوع يشمل أغلب شرائحه وقطاعاته إضافة لرفع الإنفاق العام في الميزانية المقبلة التي يمكن اعتبارها بداية «لدورة نمو اقتصادي جديدة» ليكون هذا القطاع هو القائد بالنمو مستقبلاً بداية من عام 2018 معتمدًا بنسبة كبيرة بتحسين تنافسيته على نفسه وليس من خلال الدعم والتحفيز الحكومي المبني بشكل أساسي على دعم أسعار الطاقة والوقود والمياه إضافة للإنفاق العام على المشروعات العامة فالمرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برامج الخصخصة بعديد من القطاعات وكذلك مشروعات نوعية ليست تقليدية وهو ما سيكشف مدى قدرة القطاع الخاص المحلي على المنافسة والاستعداد لها.
عام 2017 وضعت فيه اللبنات الأساسية للتحول الاقتصادي الجذري فالتحديات كبيرة ومتوقعة للوصول للأهداف المرجوة لكن تحقيقها سيتم من خلال برامج بدأ تنفيذها ستهيكل الاقتصاد جذريًا وتضع قواعد عمل جديدة فيه، فالقطاع العام سيكون مختلفًا بدوره وأدائه ليتركز بالإشراف والرقابة والقطاع الخاص الذي سيتوسع دوره عليه أن ينافس بكفاءته التشغيلية ومن خلال التطوير والبحث العلمي والابتكار والفرد عليه أن يرفع إنتاجيته ويستفيد من كل الإمكانات لتأهيل نفسه مهنيًا وعلميًا ليكون جاهزًا للفرص وكذلك يجب أن يوجه إنفاقه للأساسيات ويبتعد عن الاستهلاك الضار بميزانيته وفق دخله فقطار الاقتصاد الحديث للمملكة بتوجهاته الجديد ة انطلق ولا مجال للنظر للخلف فالتحالف هو مع المستقبل وما يحمله من فرص ستمثل آفاقًا واسعة لمن يقتنصها وما عدا ذلك سيكون مضيعة للوقت لمن يظن أنه سيدير أعماله أو شؤونه المالية بنفس المقومات السابقة.
شهد العام الحالي تحولات مهمة في الاقتصاد المحلي يمكن اعتبارها منعطفًا تاريخيًا له تأثيرات كبيرة على المستقبل فبعد اعتماد رؤية 2030 م العام الماضي بدأت في هذا العام الاستعدادات الفعلية لتنفيذ التحولات الأساسية التي ستكون ركائز تحقيق الرؤية.
فعام 2017 م لم يكن سهلاً إِذ شهد مدة طويلة من التضخم السلبي بالاقتصاد المحلي استمرت عشرة أشهر وذلك نتيجة لعوامل عديدة أبرزها تنفيذ خفض إنتاج النفط بموجب اتفاق دول أوبك مع المنتجين من خارجها إضافة لهيكلة الإنفاق العام وفق آليات تتناسب مع غموض الاقتصاد العالمي والتحوط الملائم لمنع أي صدمات اقتصادية مفاجئة تنعكس سلبًا على خطط التحول وأهداف الرؤية فهو كان عامًا اختباريًا لأسواق النفط وأين ستستقر الأسعار ومدى الجدية بالتزام خفض الإنتاج من الدول المنتجة إضافة لترشيد الإنفاق ورفع كفاءته وتحسين الإيرادات غير النفطية وخفض العجز، بل يمكن اعتباره عام التحدي لأداء بعض الجهات التي غيرت وطورت من أعمالها وطرق تنفيذها لها كوزارة المالية التي طبقت نموذجًا جديدًا لبناء الميزانية للعام المقبل كما شهد هذا العام إطلاق برنامج حساب المواطن مما يعني أن سلسلة رفع الدعم عن الطاقة والوقود والمياه ستبدأ من العام المقبل وتستمر حتى تحقيق التوازن المالي عام 2023 م ليتمكن الاقتصاد المحلي من النمو واستيعاب التكاليف الجديدة وهو ما يعد أبرز التحولات بالاقتصاد الوطني ليكون أكثر تركزًا على رفع وتحسين الإنتاجية وكفاءة الإنفاق وإيصال الدعم لمستحقيه من الفئة المستهدفة بالمجتمع بعد أن كان يشمل الجميع ويستفيد منه المستهلك الكبير للسلع والخدمات.
لكن الحدث الأهم كان تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي رصدت مخالفات ضخمة تقدر قيمتها بنحو مائة مليار دولار قام بها متنفذون تم توقيفهم ليكون هذا المنعطف تاريخيًا بمحاربة الفساد ويسهم بدعم تنافسية الاقتصاد وبكفاءة الإنفاق والحفاظ على المال العام، ولعل من أبرز ما شهده العام الحالي إطلاق مشروعات إستراتيجية ضخمة كمدينة «نيوم» التي ستكون مركزًا اقتصاديًا دوليًا بتكلفة متوقعة بنحو 500 مليار دولار من استثمارات حكومية وكذلك القطاع الخاص إضافة لمشروعات ترفيهية عديدة وكذلك استثمارية ضخمة بعديد من المناطق ستمثل تحولاً مهمًا باقتصاديات كل منطقة عند تنفيذها مع تغيير بنسب تأثير قطاعات السياحة والترفيه والأعمال اللوجستية في الاقتصاد الوطني ارتفاعًا مما هي عليه حاليًا.
كما يضاف للتحولات الاقتصادية الاستعدادات لتطبيق ضريبة القيمة المضافة مع بداية العام المقبل التي ستصبح واحدًا من مصادر الدخل المهمة للخزينة العامة إضافة لتأثيراتها الاقتصادية الأخرى خصوصًا بتوجيه استهلاك الفرد ليكون أكثر كفاءة مع مساهمتها بكشف تكاليف السلع والإنتاج ومعرفة حجم الربح الحقيقي على السلع والخدمات بنسبة كبيرة توفر قاعدة بيانات مهمة للمستقبل تستفيد منها كافة الجهات المعنية وكذلك القطاع الخاص والأفراد، كما شهد العام الحالي تطبيق الضريبة الانتقائية على السلع الضارة إضافة للبدء ببرنامج التوطين الموازي الذي سيغير من طريقة احتساب نسب التوطين وإن كان سيمثل تحديًا كبيرًا أمام المنشآت حتى تتكيف معه وتستوعب تكاليفه لكن بالمجمل فإن القطاع الخاص بالرغم من أنه سيواجه ارتفاعًا بالتكاليف بداية من العام المقبل إلا أنه حظي ببرامج دعم مهمة ستسهم بتحسين أدائه تتلخص بتقديم تمويل متنوع يشمل أغلب شرائحه وقطاعاته إضافة لرفع الإنفاق العام في الميزانية المقبلة التي يمكن اعتبارها بداية «لدورة نمو اقتصادي جديدة» ليكون هذا القطاع هو القائد بالنمو مستقبلاً بداية من عام 2018 معتمدًا بنسبة كبيرة بتحسين تنافسيته على نفسه وليس من خلال الدعم والتحفيز الحكومي المبني بشكل أساسي على دعم أسعار الطاقة والوقود والمياه إضافة للإنفاق العام على المشروعات العامة فالمرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برامج الخصخصة بعديد من القطاعات وكذلك مشروعات نوعية ليست تقليدية وهو ما سيكشف مدى قدرة القطاع الخاص المحلي على المنافسة والاستعداد لها.
عام 2017 وضعت فيه اللبنات الأساسية للتحول الاقتصادي الجذري فالتحديات كبيرة ومتوقعة للوصول للأهداف المرجوة لكن تحقيقها سيتم من خلال برامج بدأ تنفيذها ستهيكل الاقتصاد جذريًا وتضع قواعد عمل جديدة فيه، فالقطاع العام سيكون مختلفًا بدوره وأدائه ليتركز بالإشراف والرقابة والقطاع الخاص الذي سيتوسع دوره عليه أن ينافس بكفاءته التشغيلية ومن خلال التطوير والبحث العلمي والابتكار والفرد عليه أن يرفع إنتاجيته ويستفيد من كل الإمكانات لتأهيل نفسه مهنيًا وعلميًا ليكون جاهزًا للفرص وكذلك يجب أن يوجه إنفاقه للأساسيات ويبتعد عن الاستهلاك الضار بميزانيته وفق دخله فقطار الاقتصاد الحديث للمملكة بتوجهاته الجديد ة انطلق ولا مجال للنظر للخلف فالتحالف هو مع المستقبل وما يحمله من فرص ستمثل آفاقًا واسعة لمن يقتنصها وما عدا ذلك سيكون مضيعة للوقت لمن يظن أنه سيدير أعماله أو شؤونه المالية بنفس المقومات السابقة.