مها محمد الشريف
استجابة لحاجة العقل، الشعب الإيراني يقوم بمظاهرات عنيفة غاضبة تعلن عن حاجتها إلى حياة آمنة مستقرة وعيش كريم، مرددين «الموت للديكتاتور» والموت لروحاني رئيس إيران ضد نظامه الإرهابي، واحتجاجًا على الظلم والفقر وسرقة ثروات البلاد وصرفها على تنظيمات إرهابية وعلى حروب دموية خاسرة، فالغرب كان يحارب من أجل إحلال السلم وتوصل إليه في أوروبا، وإيران تحارب من أجل الحرب والدمار والتشرد.
حتى الآن لم تعرف إيران أهمية الاستقرار والتوازن بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وكلاهما منهجيتان تقرران مستقبل الدول والأنظمة الحاكمة، وطهران تعتقد أنها لا تستطيع أن تنجح سياسيًا دون قوة نووية وتدخلات في شؤون دول الجوار وزعزعة أمنها وتكوين جماعات إرهابية للزج بها بين صفوف المحرضين لكي تضبط معايير الصراع.
إن معارضي الأنظمة لا نعرف أعدادها، فإنسان الأمس لا يشبه إنسان الغد ولن تستوعب الأرض طموحاتهم وسعيهم إلى تلبية حاجاتهم الأساسية، يريدون لأبنائهم رصيدًا من الأمن والأمان، حتى وإن كانت ثقافة العصر مختلفة تحث على الإندماج والتجارة العالمية وتحطيم الحدود والأسلاك الشائكة، فالعالم يبني سياسة جديدة والأنظمة الظالمة تهدمها.
وكما ثمة بلدان استطاعت أن تنجح في رعاية شعوبها وكسب ولائها، فهناك أخرى مثل إيران وسوريا وقطر تنتهك حقوق المواطن فيها، وما تطبقه هذه الأنظمة الحاكمة أثار كثيرًا من الاضطرابات الداخلية والانشقاقات، ولكن لن يطول أمد هذه السياسات، فالأنظمة زائلة والشعوب باقية، فقد اتهم بعض المتظاهرين السلطات بـ»استغلال الدين وإذلال الشعب».
ولأن عدد الفقراء يرتفع ويعيشون في ضياع مقيت ارتفعت شعاراتهم المنددة بسياسة النظام وتدخلاتهم في شؤون المنطقة وثروات بلادهم التي تنفق على المليشيات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن ولبنان وفي كل مكان حل به الخراب. نظام إيران قادة حرب يعني تكثيف من سياسة الهيمنة لن يتوقف إلا بزواله من داخل المنطقة.
وهو ما يؤكد نشاط المعارضة في الخارج مريم رجوى ومؤيديها في الداخل، فمهما استخدمت قوات مكافحة الشغب العنف لتفريق المتظاهرين في بعض المناطق لن يتوقف الصراخ والألم، مستخدمة الغاز المسيل للدموع وآليات تضخ المياه الساخنة على المحتجين لن تستطيع القوات إسكات المطالبين لشعورهم بخوف مزدوج من التورط في الانهيار من سياسة الفوضى والصراع، وهذا النظام يتوسع في مجال جغرافي غير محدد فهو يزيد من حجم أهدافه دون النظر إلى السلام والتعايش.
واليوم، لقد بات واضحًا أن حقبة الدمار والموت والغطرسة والمشكلات الاقتصادية في إيران سيبلغ النزاع أوجه، حتى وإن استعاد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بعضًا من ولائه للسلطة القضائية على المشهد السياسي، وأصبح يعتمد على حديث الشارع بلا منازع.
والمصلحة العامة لكل الدول تقتضي البناء الداخلي والتنمية في الموارد البشرية، قبل البحث عن نجاحات سياسة خارجية، وعلى ضوء هذه الأهمية تندرج الموضوعية، وذلك بحسب الضروريات والبديهيات في حياة الشعوب، واحترام حقوق الإنسان وتلبية متطلباته، فالبشرية تعاني من معضلات دموية معقدة بسبب الإهمال والمظالم التي تتعرض لها. لا شك سيكون لهذا العنف عواقب وخيمة.