جاسر عبدالعزيز الجاسر
الدولة التي لا تكف عن الحديث عن «السيادة» والتي تبحث عن صفحات لتاريخ تريد أن تجعل منه تحصيناً لنظام بدأ يعاني من تباعد قبلي وشعبي، فضحتها صحف الحلفاء الجدد، فقد فضح الصحفي التركي محمد جات بنود الاتفاقية العسكرية بين تركيا وقطر، والتي أظهرت أن من أهم مهام القاعدة التركية في قطر هو تأمين الحماية والأمن لأمير قطر تميم بن حمد، وبالتحديد من القطريين دون غيرهم، فقصر الوجبه الذي يقيم فيه تميم بن حمد يندر أن تجد قطرياً يتواجد فيه، وأصبح مملوءاً بالعسكريين الأتراك الذين ينظمون دوريات وحراسات تقتصر على الجنود الأتراك، والذين يتعاملون بشدة وبالذات مع المواطنين القطريين وبالغطرسة المعروفة عن الأتراك.
الغريب أن قصر الوجبه الذي حمل هذا الاسم تخليداً لذكرى انتصار القطريين في طرد ممثل الوالي التركي في عام 1893، وقد انتصر عليه مؤسس دولة قطر، ليعود عسكر تركيا ورثة العثمانيين لتأمين قصر الوجبه، وكأنه إهانة لذكرى انتصار قطر. وهذا ما جعل كثيراً من القطريين مستائين من هذا التصرف من قبل تميم الذي يثق بالأتراك لحمايته من شعب قطر، وكأن «تميم المجد» لا يتحقق إلا بالاعتماد على الأجنبي لحمايته من أبناء شعبه الذين أصبحوا مشبوهين ومراقبين ويمنعون من التواجد أو دخول القصور الأميرية والأماكن التي يتردد عليها تميم.
وقد كشفت صحيفة تركية هي صحيفة «جرتشك حياة» ومواقع إخبارية تركية عديدة أن أسباب منع القطريين من دخول القصور الأميرية ومراقبتهم تكثفت من خلال زيادة أعداد الدوريات والحراسات التركية، والتي تمت بعد أن أحبطت القوات التركية محاولة انقلابية ضد تميم في الخامس من يونيو.
الموضوع والقصة الإخبارية التي نشرتها صحيفة «جرتشك حياة» وهي صحيفة ذات انتشار واسع في تركيا ومقربة من حزب أردوغان، أثارت «عتب» القطريين، وبدلاً من أن يصدر توضيح وشرح لما حصل من قبل الخارجية القطرية لأن النشر حصل خارج قطر، ولم يبادر وزير خارجيتها المعروف عنه كثرة تصريحاته وخاصة التي تحمل مضامين النكران والنفي، بل تركت الأمر لسفارتها في أنقرة التي أصدرت بياناً ضعيفاً ينفي الأنباء التي نشرتها صحيفة جرتشك حياة، ويني شفق باللغتين التركية والإنجليزية، ولم يتضمن بيان السفارة الطلب بنشر خبر النفي من قبل الصحفيين ولا حتى الاستنكار أمر مخاطبة وزارة الخارجية التركية، وطبعاً لم ترفع أي قضية ضد الصحيفتين لأن النظام القطري يخشى أن يكشف الأتراك الحقيقة وبنود اتفاقية الحماية التركية لنظام الحمدين، إلا أن الصحفي الذي نشر خبر الانقلاب الذي اعترضته قوات الحماية التركية، والذي يهدف إلى تلميع واظهار الوجود العسكري التركي بأنه لحماية بقاء نظام الحمدين، خاصة وأن الصحفي محمد جات المعروف بتركيا بأنه «صوت عسكر تركيا» وزجه دول التحالف ضد الإرهاب في قصة الانقلاب في حين أن الانقلاب هو من عمل المواطنين القطريين وخاصة من العائلة الحاكمة التي لا تريد أن يورطها حمد بن خليفة وابنه في أتون التحالفات المساندة للإرهاب والمعادية للأشقاء في دول الخليج العربي، ومع هذا فإنه وبعد يوم من نشر خبر التكذيب للسفارة القطرية، تحدى وعبر موقعه على «تويتر» النظام القطري والسفارة القطرية في أنقرة مطالباً السلطات القطرية بالاعتذار، مؤكداً بأن معلوماته التي تضمنها خبر الانقلاب الذي لم يكتمل في قطر مستندة إلى مصدر عسكري تركي «لم يسبق له أن ضلله أبداً» وشدد على صحة معلوماته التي نشرها في صحيفة يني شفق صحيفة الحزب التركي الحاكم.
المعركة التي شنها الصحفي التركي محمد جات والتي تداولتها المواقع الإلكترونية التركية والعربية والتي علم بها القطريون أحرجت النظام القطري الذي يدعي التشبث بالسيادة والتي ثبت بالمعلومات أنها سيادة تحت الحماية.