د. إيمان طعمة الشمري
ويمطر جوفك ألما
حتى اذا ترطبت عروقك وتشربت بمرارة واقعك.. ابتلعت ريقك
لتدرك حينها كم يغزو جسدك الجفاف
ذلك الصراع الداخلي بين أن تشرب الماء
أو لا تشرب. بين أن تتكاسل أن تنهض لتحضر كوب الماء. وبين كابوس أن تموت عطشا؟
تلك الثواني في رمضان قبل الإمساك..تهرع فيها لقنينة الماء.
كل ممنوع مرغوب. أم كل مرغوب ممنوع؟
هل تسبق الرغبة المنع أم يولد المنع الرغبة
تلك الأسئلة التي تدور في داخلك
فتطلق لنقاشاتك الداخلية العنان
بينما صديق يجالسك فيحدثك طالبا مشورتك
وأنت تحاول أن تخفي بإيماءات راسك وإشراقه عينيك ما يدور في عقلك
لتحسسه باهتمامك
وهو يتكلم ويتكلم وأنت لا ترى إلا شفتيه تتحركان
وتهز رأسك وأنت مشغول بنقاشاتك الداخلية
وفجاه تطبق شفتاه ويسأل: ما رأيك فيما قلت؟
فيتعطل عقلك عن العمل وتسمع سيارات الإسعاف في بواطن عقلك..طوارئ!! وتضع على مشارف دماغك لافتة : عمال يشتغلون
والعمال في رأسك يحفرون في ذاكرتك
ويستنجدون بإذنك: ماذا قال؟ ماذا قال؟
وتتأتأ.. لتنقذ نفسك وتقول؛ كلامك صحيح يا صديقي. فتراه وقد انفرجت أساريره
فيفرح هو وتنجى أنت. لتنصرف في حال سبيلك وتوبخ عقلك: أيها المدير الفاشل لحواسي كم مرة أخبرتك أني أريدك أن تكون مستمعا جيدا؟ يجب أن تركز
وتقفز أنانيتك كالفارس على صهوة جواد محجل يرفع مهنده عاليا بيمينه ويصرخ
أنا الأهم... أنا المهم. ينتفخ صدرك كصدر ديك يفتري على دجاجاته
فعلا أنا الأهم. بعد أن خدرت عقلك
: أنا ومن ورائي الطوفان
ويدور في خلدك سؤال: هل لو كنت قد سمعته فعلا
هل كنت لأقول أنت على حق يا صديقي؟
ويسافر عقلك في دهاليزه ويبدأ بالتطاول على الزمن لتحدث نفسك:
زمني الذي ما عاد فيه ما تعلمته نافعا. وغدت صراحتي ماضيا أتباكى على ذكراه
أعزي حالي بحالي ويرفعني عقلي لينصبني ملكة الضحايا
والمساكين المكسورون في الأرض
وأهز برأسي يمنة ويسارا فعلا أنا أعجوبة الزمان ولكن لا أحد يقدر
فتضحكني نرجسيتي وتقلبات مزاجي
أنا الشر المستطير أنا الخير المستتر
وبعد كل هذه المعاناة... والمبارزات الفكرية
تأتي أنت بكل فلسفاتك لتخبرني
أنا أفهم شخصيتك
ياسيدي : أنا لا أفهمني فاخرس غرورك. وانصرف
** **
- أكاديمية وروائية وشاعرة كويتية