د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
هناك مشاعل من نور العربية دارت العالم حمل لواءها مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية وهو ما برح يافعًا منذ ما يقارب العشرة أعوام، فبلغ النتاج التأليفي ونشره شأوا حافزًا مهيبًا، ويُحمدُ للمركز أن استل في مستهل جهوده ضرورات الحاجة لتأطير واقع دعم اللغة العربية عالميًا تحقيقًا لما حمل من دولية الاسم والهدف، فنشر المركز طروحات علمية ممنهجة في مجال حوسبة اللغة العربية، وقضايا تعليم العربية لغير الناطقين بها، والتخطيط والسياسات اللغوية، وحزمًا أخرى يطول رصدها، وللمركز جهود تتبعية لحضور العربية في أنحاء العالم، كما أبدع المركز حين ضمن مدونة شعرية صاغ شعراؤها فرائدهم في التغني باللغة العربية وهي إضمامة تبعثُ الآمال، ولقد نال المركز مشكاة من التقدير وجوائز من جهات رسمية محلية وخارجية عن جهوده في مجال النشر والانتشار، كما استطاع أن يبني جسورًا من التواصل العلمي بين المختصين في الدراسات اللغوية والمعنيين بشؤون اللغة في أنحاء العالم من خلال النشر العلمي وتصميم الأدلة وقواعد المعلومات عن المؤسسات التي تخدم وتُعنى بالضاد؛ ويستثمر المركز موقعه الدولي ومن خلال قوة وجوده ومكان انطلاقه فيسعى إلى التعريف بمكانة اللغة العربية في المناسبة العالمية التي تتوارد كل عام تحت ظلال يوم العربية العالمي.
وطاقات مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية كبيرة وباقاته وفيره، فقد أجاد صياغة تنظيمات التأسيس، ونسج للعالمية ديباجة متينة، فكانت الجهود نحو خدمة العربية عالمية حزمًا مضيئة ما زالت تستولد وتضيف؛ فهناك برامج لكل دولة في العالم وفق أُطر تنفيذية مختلفة تأسيسًا على واقع العربية في كل دولة والجامعات التي تحتضن نبض العربية، وسقف الحاجة الآنية والمستقبلية، ومن فرائد ذلك التواصل الدولي تنفيذ برنامج «شهر اللغة العربية» الذي ينظمه المركز في إحدى الدول الناطقة بغير العربية، وهذا الشهر جدير بالوقوف عند فحواه ومحتواه؛ حيث يتضمن مجموعة من البرامج والأعمال التي تخدم العربية وتسهم في نشرها في المجتمعات التي لا تتحدث بها؛ ويقوم المركز بتنفيذ حزم من المحاضرات واللقاءات التدريبية والمسابقات المجتمعية بالتنسيق مع الملحقيات الثقافية في سفارات بلادنا في تلك الدول، وأقسام اللغة العربية في بعض الجامعات هناك فشهر اللغة العربية ملتقى احتفائي بلغة الضاد يلتقي من خلاله أساتذة وخبراء منتقون في المجال اللغوي مع نظرائهم السعوديين، ويحفز ذلك اللقاء لتواشج الشباب العربي الذين يدرسون هناك مع المتحدثين بالعربية؛ وفي العمق المستهدف تبرز خبرات المركز والكفاءات السعودية في مراكز البحث مع جامعات تلك الدول.
وبرامج المركز سياحة إنجاز مجزية لا يحملها مقال واحد ومساحة محدودة؛ إلا أن للمركز قدرة فوارة في مجال توثيق الأعمال ورصدها، فموقع المركز الإلكتروني راصد خصيب، وللمركز أيضًا على منصات التواصل الجديد قطوف أخرى، وهناك سرد وثائقي في مجموعة خاصة من إصدارات المركز.
والحقيقة أن المركز أصل لنتائج مهمة في مجال دعم اللغة العربية، وهو آفاق مفتوحة تتلمس محطات وصول عطشى لتملأها عشقًا للغة العربية وتمثلها تحدثًا وكتابة ولغة فكر وعلم وحضارة كما أراد الله تعالى أن تكون..
وأختم بآمال عريضة أن يكون تطوير التلقّي اللغوي العربي السعودي في منشآت التعليم في بلادنا محطة المركَز القادمة؛ فمازالت شواهدنا المكتوبة والشفهية تنعي حق العربية في عقر دارها؛ فلقد غادرها الطلاب في زحمة التفاصيل!! فلعل المركز الذي شهد العالميّة وشهدته أن يحظى بالسبق في جعل كل عناصر اللغة العربية ثقافة جماهيرية يستهلكها الجميع في صناعة الحياة!! وحتمًا فمنشآت التعليم هي البداية.
«هي الضادُ ماظفُرتْ أمةٌ
بمثل جناها وأطيابِها»