عِندما فكروا في أن يتم زواجنا ألم تفكر أنت في شكل العلاقة التي ستكون بيننا و أنتَ تمتثل لتنفيذ حكمٍ سَلفهُ الأجداد لآباء وعلى الأحفاد تنفيذ ذلك دون أن يكون هناك مراجعة لمشاعرنا بعدما كبر كل شيء فينا, و تغيرت ملامح الطفولة .. التي كانت تجري و تلهو بفرح.
لماذا لم تحاول طوال الوقت أن تقيس درجة مشاعري ؟ لماذا لم ترسل لي ورقة فيها كلام أعذبهُ أكذبه؟ لماذا لم تطلب من أختك أن تجس نبض قلبي لمعرفة إن كنت تسكنهُ أو أن هناك شخصا آخر أو وضعت احتمال ربما لا يزال قلبها بكراً لا يعرف كيف يتعامل مع ما يجدُ عليهِ من مشاعر ؟
نَظراتك و أنت بجواري مسكونة بأخرى لم تقدر على أن تُفصح باسمها فهل تنتظر أن أنجب لك طفلة جراء عملية آلية تطلق عليها أسم من تحب ثم تغدق عليها بكل ما في داخلك من مشاعر, و تترك روحي صحراء خالية من عذوبة نهرك.
اهتز لهُ قلبي عندما رأيتهُ أول مرة علمت أنني دخلت في دائرة الخيانة إلا أني تراجعت خشية كلام الناس, ونظرات طفلتي التي كانت تطاردني في كل مكان إلا أني لم أحرم قلبي من همساته .. المستقرة في قلبي كلما سمعت صوتهُ من بعيد أو صدى يعود إلي من داخلي فلا زلت متذكرة تلك الأغنية التي قدمها هدية لأذني الصماء دون مناسبة ليكون صوت فيروز رفيق دربي بعد غيابهُ .
السنوات تمر في حياتنا برتابة تموت خلالها الأشجار و تسقط جوانب من البيوت الطينية التي تصور معصم قريتنا القديمة التي تركناها من سنوات، و لا أدري لماذا فكرنا في زيارتها ذات يوم دلفنا إلى القرية التي أكلت ما تبقى من حواسنا ودفنتها في مزرعة مهجورة جف ماؤها فمات شجرها واقفاً.. ما أشبه ذلك بحبنا الذي لا زال داخلي منتصب القامة يمشي.
أنت كنت تنظر إلى ذلك البناء المخروطي كأنك تتأمل أن تطل عليك روح من تسكن قلبك بينما أنا كنت أستمع لصوت قلبي من خلف الباب و هو ينادي علي ثم يدفع لي بإناء اللبن الذي أرسلتهُ أمه لنا
غادر قلبي معه عندما سافر بحثاً عن العمل ولم أدري أن جدي يريد من أبي أن ينفذ العهد الذي قطعهُ على نفسه عندما قال نوره لحمد يا: صالح، فرد دون وعي بالموافقة، كنت في ذلك الوقت مسروراً باللعبة التي قُدمت لك لتقوم برعايتها مع من كانت هي حبة القلب تقدم لهم التمر وعناقيد العنب و تلعب معهم داخل المزرعة و في (حوش) البيت أَتذكر ذلك أم أن السنوات العجاف أنستك أنهُ كان هناك سنوات من رخاء الحب .. قبل أن يكون هناك عيب البنت تلعب مع الولد.
خرج طائر أسود من النافذة ففرت دمعة من عينيك حلق ذلك الطائر بعيداً ألا أنه لم يسلم من رصاص جدي الذي أطلقه يوم زواجنا، ويوم مولدك وأثناء حفلة طهورك و لا أدري أيها كان مؤلما بالنسبة لك؟ فأنتم الرجال أرواحكم مولعة بالحرب وحب المغامرات، وإن كُسرت لِذلك قُلوبكم الصغيرة.
سقط الطائر على الأرض فدثرتهُ بدمعي الذي كان بالنسبة لي سكين الصمت التي تذبحني كلما تذكرت طلال.
** **
- مسعدة اليامي