-1-
لم أكن إلا إثمًا عظيمًا يُشوّهُ طهر حياته!
أنا تلك التُّهمة الجميلة -كما يقول لي مجاملة- مع حرصه على دفعها عنه بقوة.
استلمت منه ملف إنهاء خدماتي بدمعة وبعض كبرياء.
كنتُ ابتسم بشكل مبالغ فيه، وأمدُّ عنقي للسماء حتى لا يهطل ضعفي أمامه.
ظن أني زاهدة!
ابتسامتي المبالغ فيها قلبت ردود الفعل.
جعلت مني الزاهدة، وهو المزهود فيه.
سنوات مضت على هذا التّخلي وكلما عبرتني سيرته أصابني الخور!
أشعر بأنّ كلّ كلّي حزين!
الدّماء في قدمي تتحول إلى دمعات حزينة تجعل من المشي عملية شاقة.
«الحياة حلوة بس نفهمها»
هي ما تبقى لي من ذاكرة الصباحات التي تركها لي قبل أن يعبرني لحياة لا تتسع إلا لواحد بمحض إرادة اثنين.
-2-
كُنتَ المرساة التي تشدّني إلى اليابسة لو كنت تعلم!
عندما كنتَ تأتي بالصحيفة، وأنت تردد أهم عبارة استوقفتك في مقالي، مقلدًا تكسرات الأنوثة على فمي.
كلّ شيء كان مزهرًا عندما كنتَ أنت:
أوّل الباحثين..
أوّل القارئين..
أوّل الناقدين..
عن ولكل ما يخصني.
أقول كل هذا وأنا المهووسة بعزلتي الرائعة، وكتاباتي عن قصص الوحيدين والمتبعثرات.
أنا الآن وحيدة متبعثرة كأبطال قصصي تمامًا.
أعرف شعورهم، وأعيشه كما لو كنت أنا هم.
معادلة صعبة ما أشعر به الآن؛ قصة أنا فيها الكاتب البطل.
يمكنني صياغة نهاية سعيدة لها لكنني لا أفعل!
-3-
لا تُكثري الطّرق؛ فلا أحد خلف الباب!
درِّبي مشاعركِ على أن تتسلل على أصابع أقدامها، حتى لا تشعري بها، فتبهت روحك
ما الحب إلا قداسة نسكبها على أشخاص هم في حقيقة الأمر لا يستحقون.
ولأننا صنعنا مكانتهم من دفء الروح، وخبّأناهم في خبايا القلب ازدادوا نفاسة فجاءت قيمتهم من قيمة تقييمنا لهم.
جربي أن تتحلي ببعض الشجاعة؛ لتعبري هذا الهول، وتنجي منه؛ فما زال في العمر متّسع لشفاء الأرواح.
** **
- د. زكية بنت محمد العتيبي