يتعجب بيل جيتس في كتابه (المعلوماتية بعد الإنترنت) من هذا التطور الهائل للكمبيوتر «لقد انكمشت أجهزة الكمبيوتر في الحجم و تنامت في القوة ؛ في الوقت الذي انخفضت فيه أسعارها انخفاضا هائلا» .
و قد واكب هذا التطور التقني اهتمام بارز بعلاقة اللغة بالتقنية وذلك بالنقاش حولها عبر العديد من المؤتمرات والندوات التي ركزت على اللغة العربية وتقانة المعلومات ؛و يذكر الدكتور محمد الخواجي ؛ في تحقيق أعده أ. نايف كريري بعنوان (في عصر غزو اللغات والاجتياح الثقافي) عدة مؤتمرات؛ منها : ندوة جامعة الملك سعود الأولى حول تعريب الحاسوب في أبريل 1987م بالرياض، والمؤتمر الأول حول اللغويات الحسابية العربية بمعهد الكويت للبحوث العلمية، في مارس 1989م بالكويت، والمؤتمر الثاني حول اللغويات الحسابية العربية بمعهد الكويت للبحوث العلمية أيضاً في نوفمبر 1989م بالكويت، وندوة « المعلوماتية في الوطن العربي .. الواقع والآفاق « التي نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان في يوليو 2001م، بعمّان، وندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات التي نظمتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في مايو 1992م، بالرياض، وندوة اللغويات الحسابية العربية ونظمتها الجمعية المصرية للحاسب الآلي في يونيو 1992م، بالقاهرة، والمؤتمر العلمي الثاني للغة العربية والتقنيات المعلوماتية المتقدمة، الذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية في نوفمبر 1993م بالدار البيضاء، والندوة الثانية لتعريب الحاسوب التي أقامتها جامعة الملك سعود في نوفمبر – ديسمبر 1993م، بالرياض، وغيرها من الندوات والمؤتمرات في أرجاء الوطن العربي» ويشير بيل جيتس إلى إشكال تشتت الهوية مع الثورة التقنية إذ يرى أنه « ربما تفتحت إمكانات إحساسك بالهوية ؛ بمن تكون و إلامَ تنتمي»؛ وذلك بسبب هذه الثورة التقنية .
وارتباط التقنية ومواقع التواصل بالجانب التجاري -وهذا ما ركز عليه بيل جيتس في كتابه ( المعلوماتية بعد الإنترنت) إذ يعيد و يكرر كثيرا ارتباط التقنية و ثورة المعلوماتية عبر الإنترنت بالربح و التجارة- والتجاري غالبا لا يهمه الأيديولوجيا بقدر اهتمامه بالربح؛ وكثرة المشتركين ومنحهم لغاتهم القومية سيزيد عدد المشتركين فيزيد ربحه؛ ومن أمثلته المواقع (علي بابا - فيسبوك - تويتر-قوقل -يوتيوب وغيرها) ؛ في تويتر مثلا فيه ما يقارب 48 لغة ؛ من ضمنها لغات غير مشهورة مثل : اللغة الغوجاراتية ؛ و اللغة التاميلية ، و في موقع فيسبوك ما يقارب 112 لغة ؛ والصينية وحدها تضم ثلاث لغات :الصينية التقليدية هونج كونج -الصينية المبسطة - الصينية التقليدية تايوان .
و لعل استعمال العديد من المثقفين و بالخصوص المختصين باللغة العربية ذاتها أمثال الأساتذة المغاربيين للغات الأخرى غير العربية في مواقعهم الاجتماعية يكمن في الأثر الثقافي ذاته و ليس في التأثير التقني عليهم؛ لأن التقنية تمنحهم اللغة العربية بيْدَ أنهم استعاضوا عنها بلغات أخرى .
وفي بحث للدكتور مجدي الخواجي بعنوان المعلوماتية واللغة العربية» القيمة والتحدي « يشير إلى رأي العالم الأمريكي ستيفن روجر فيشر (عالم اللغات في جامعة كاليفورنيا) أن عدداً كبيراً من اللغات سيندثر خلال السنوات القادمة ، وأن اللغة العربية سوف تصمد لأهميتها الدينية»؛ وينقل عن روزماري أوستلر (الباحثة الأمريكية في اللغات) بأن هذه الثورة الملعوماتية ستهدد الإنجليزية بقوله: «سيهدد ذلك اللغة الإنجليزية التي لا تزال اللغة الطاغية في الإنترنت» .
ونجد أن هناك استغلالا مهما جدا لمواقع التواصل الاجتماعي مثال : موقع (مجمع اللغة العربية الافتراضي) في تويتر الذي يديره الدكتور عبدالرزاق الصاعدي؛ و ميِّزت هذا الموقع أنه حقق الهدف الاجتماعي و ليس النخبوي من ربط المجتمع باللغة العربية و ذلك من خلال البحث في اللهجات المحلية و ربطها باللغة العربية الفصحى في بعض الكلمات منها ؛ و يتم ذلك عبر مشاركة الجمهور بعمل (رتويت/إعادة تدوير) للحسابات المشاركة في كلمة ما .
و ربما يكون دور الهوية باعتبار اللغة مع المواقع الإلكترونية أمرين :
الأول : إنشاء مواقع تختص بالعربية بأساليب عصرية ؛ و تخضع هذه المواقع لما تحتمه التقنية المعاصرة التي تعتمد على السرعة و تعطي ومضات تهتم بالصورة و ليس بالشرح .
والثاني : مطالبة المواقع العالمية متعددة اللغات بإدراج اللغة العربية ضمن خياراتها في الموقع ؛ فموقع أمازون مثلا و هو من أهم المواقع العالمية لم يهتم بالعربية في الموقع التجاري ذاته و في برنامجه القرائي المهم (كندل).
** **
- صالح بن سالم
@_ssaleh_