فهد بن جليد
قال لي رئيس اتحاد الشطرنج السعودي، إنَّ حُلمنا سابقاً كان حضور جولات ومنافسات كأس العالم في اللعبة عندما كُنَّا هواة نجتمع ونمارس هذه الرياضة من خلال بطولات تُقام في الفنادق ونحوها، وخلال أربعة أشهر فقط حدثت نقلة نوعية لهذه الرياضة الذهنية في السعودية والمنطقة، قادها رئيس هيئة الرياضة بذكاء، بدعم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، حيث تم تأسيس أول اتحاد محلي للشطرنج، وعلى بعد شهرين من تأسيسه تحقق الحُلم بتنظيم كأس الملك سلمان العالمية للشطرنج لأول مرة، هذا حدث يعجز اللسان عن وصفه وله انعكاس إيجابي كبير ليس على بلادنا وحدها، بل على الخليج والمنطقة بأكملها.
في أروقة بطولة كأس الملك سلمان العالمية للشطرنج المُقامة حالياً في الرياض، ومن خلال حديثي مع بعض اللاعبين السعوديين والعرب والعالميين - هناك نحو 237 لاعباً ولاعبة يمثِّلون 70 دولة - لمست أنَّ ما حدث بالفعل أشبه بجولة شطرنج ذكية، فاز بها السعوديون ( الحصان الأسود) الذي جاء من الخلف، وخطف تنظيم البطولة العالمية الأغلى والأهم لهذه اللعبة، وهو ما يؤكِّد أنَّ السعودية الجديدة قادرة على صنع المُستحيل وتحقيق الأحلام لشبابها، هي خطوات مُباشرة، مدروسة ذكية، تشبه ما يحدث بالفعل بين أحجار الشطرنج ذاتها، لا تعتمد على البيروقراطية أو الاتكالية، عندما يكون البقاء للأهم والأذكى والأقوى والأسرع تحركاً، أنظر معي كيف تم اختيار أعضاء الاتحاد من هواة اللعبة ومُمَّارسيها، ممن يعشقون هذا النوع من الرياضات ويحلمون بمُستقبلها، وكيف تم توظيف طاقاتهم وخبراتهم بإتقان لخدمة هذه الثقافة الرياضية الجديدة على مجتمعنا، بل كيف تم إقناع العالم الشطرنجي وأباطرته بالقدوم للرياض في ضيافة الاتحاد الجديد، ببساطة الشطرنج لعبة التخطيط بذكاء، الأكثر تنوعاً وعمقاً .
ماذا بعد تأسيس اتحاد سعودي للشطرنج، وماذا بعد تنظيم كأس الملك سلمان العالمية للشطرنج في الرياض، الخطوة التالية - برأيي - بأنَّه يجب أن ننشر ثقافة لعبة الشطرنج في بيوتنا ومقاهينا، ونجعلها عادة رياضية لأبنائنا من صغار السن بدلاً من خطر إدمان الأجهزة الذكية ومضارها فهي فروسية العصر الحديث - إن جاز لنا الوصف - كيف لا وهي لعبة الملوك التي تعتمد على التخطيط بذكاء، ودراسة الخطوات قبل القيام بها، تنمي العقل، وتزيد الإدراك، فالطفل الذي ينجح في تعلّم لعبة الشطرنج ينجح في حياته، بل إنَّ إدراجها في مدارس الأولاد والبنات كمادة إجبارية مطلب ضروري، سبقتنا به بعض الدول.
وعلى دروب الخير نلتقي.