فيصل خالد الخديدي
يحرص الفنان على التطوُّر والتطوير والرقي والارتقاء في جميع جوانب عمله الفني، سواء من حيث الفكرة أو التقنية المستخدمة والعلاقات الفنية والجمالية، والإحساس والفكر الذي يخرج به في عمله الفني.. وفي كل مرة يقدم فيها نفسه بأعمال جديدة أو تجارب مبتكرة يسعى للتوازن بين الجوانب المختلفة في عمله أو تجربته؛ فسطوة أحد الجوانب في العمل ربما تنقله من مستوى الأعمال الفنية إلى الأعمال الديكورية أو الحرفية مبتعدًا به عن مستوى الأعمال الفنية الإبداعية والابتكارية الأصيلة.. ولعل هذا ما يحرص عليه الفنان زمان جاسم في أعماله، وما حققه باقتدار بأن جعل من أعماله فنًّا محملاً بجمال وإتقان, ونجح في أن لامست أعماله شكلانية وجمالية الديكورية دون أن تقع فيها, ولم تأسره التقنية أو الخامة في أسلوب معين، وإنما تنقَّل بين الوسائط برشاقة وإتقان دون أن يفقد شخصيته الفنية ولا رسائله الفكرية والجمالية.
الفنان زمان جاسم ذكي في التعاطي مع المستجدات في الساحة التشكيلية المحلية والعالمية، ويمتلك الخبرة والثقافة العريضة والعين اللماحة التي تمكِّنه من التعامل مع كثرة مشاهداته دون أن يفقد ذاته الفنية أو ينجرف بعيدًا عن شخصيته.. والعمل الفني لدى زمان متجدد ومتسارع في التطور والتنقل بين الوسائط والأفكار بإنتاج مستمر، وتطلُّع دائم للأمام, وكريم عطاء في نشر المعلومة والتكنيكات التي يصل إليها لكل المحيطين به والمتعاملين معه والمتابعين له.
الأعمال الفنية لدى زمان جاسم جُمل بلاغية، عمل على صياغتها على مدار أكثر من ثلاثين عامًا من الإبداع والتنقل برشاقة بين سطوح الأشياء وعمقها، وبين ملامس الخامات وتفاصيلها.. فظهرت محسناته الجمالية جُملاً من جمال, وغدت مغامرته اللونية مبهرة وشفافة ومتناسقة بسلاسة, ومواد أعماله مفتوحة على الممكن واللامعقول، وحتى على المصادفة في توظيف يخدم العمل، ويطوع الخامة، ولا يخضع لها.
إنَّ توتر وقلق الفنان الدائم الذي يلازم زمان جاسم أكسب أعماله اتقادًا في التجدد والتعامل مع المحيط بذكاء، والاستزادة والمتابعة لكل ما هو جديد في رحلة إبداعية، تمتد بين الشكل واللون والوسائط المتنوعة والتجديد، تحدوها همة مثابر، وفكر فنان، ورشاقة مغامر لا يعرف للإبداع منتهى.