محمد المنيف
مهما تكاثرت سُبل الانتشار وتعددت، كما نراها في (السوشيال ميديا) وفروعها من انستقرام إلى السنابشات والقروبات في الواتس آب، وصولا إلى الفيس بوك، مع أن لكل منها تأثيره وقدرته على إزاحة الآخر كما حدث للفيس بوك بعد اندفاع في عدد المشتركين، وما قدمه من صفحات التعريف بالفنانين وغير الفنانين بما مكنهم من التواصل، إلى أن حضرت وسيلة الانستقرام بالإمكانيات الأسرع التي شكلت للتشكيليين معرضًا متجددًا لأي راغب في نشر تجاربه، بدءًا بالهواة مرورًا بالمواهب وصولاً إلى المحترفين.. إلى أن جاءت مرحلة السناب شات التي تنقل الفعالية التشكيلية ورصدها وقت حدوثها، مع ما نتوقع حدوثه مستقبلاً؛ فقد نرى برامج (الثري دي) التي تجسد العمل والمعرض أمام المشاهد.. هذه السبل مع ما بها من جمال وسهولة وصول إلى عين المشاهد، مع التحفظ على ما ينتج عنها من شهرة مؤقتة، تزول بسرعة حضورها نتيجة المنافسة السريعة.. ومع ذلك لا يمكن أن تغني الفنان والمتلقي الحقيقي عن المعارض المباشرة سواء كانت جماعية أو شخصية، التي يعيشها الحضور من الطرفين بمشاعر مختلفة، وتعامل وتفاعل لا يشعر بهما إلا من جرب وعاش تلك اللحظات؛ فالأعمال الفنية أيًّا كانت، سواء نحتًا أو لوحة مسندية أو تركيبات، حينما تشاهَد في المعرض تمنح المتلقي دفء الإبداع لقربه منها بالنظر، وتمنحه استكشاف نوع الخامة، وتدفعه أحيانًا إلى ملامستها وتحسسها كنوع من التطفل رغم ممانعة الفنان لغيرته وخوفه على أعماله كما هي شروط الجاليري أو المتحف.
إن المعارض الجماعية أو الفردية تضيف إلى ما ذكرناه آنفًا إحساسًا عند الفنان عند سماعه الآراء مباشرة عكس ما يقرؤه في ردود سُبل التواصل من متابعيه عند مشاهدتهم أعماله؛ إذ تأتي الآراء من جانب، وفي حال دار حوار بين الطرفين سيكون عبر وسيط لا يحقق النتيجة المرجوة كما هي في المعرض.. إضافة إلى أن مشاهدة الأعمال على طبيعتها أجمل دون تدخُّل وسائل النقل، وفي مقدمتها الكاميرا التي تغيّر وتضيف (بهرجة ومكيجة) على صورة العمل، تخالف حقيقته.