ميسون أبو بكر
كل لوحة في ملتقى ألوان السعودية كانت تصحبنا إلى طبيعة آسرة لمنطقة من مناطق المملكة، وكل منها فيه أكثر من حكاية تناقلها الأجداد، أو روتها بطون الكتب، أو تغنى بها الشعراء.
آسرة هي الصحراء الممتدة كشال حريري متموج تداعبها الرياح حتى تنقش عليها أجمل لوحات الطبيعة بلا لون أو فرشاة، فتنبت شجرة هنا ونخلة هناك قد تستدل بها إلى واحة مجاورة وغابات نخيل.
وشامخة تلك الجبال.. بهي ما نقش عليها الزمن وما دون عليها الإنسان الذي أصر أن يخلق لغة يخاطب بها الآخرين ورسوما بقيت حتى اللحظة نقشا يؤرخ للمكان والإنسان.
لازوردي ذلك البحر وتلك الشواطئ التي تجاوره تستكين عليها السفن المتأهبة للإبحار أو تلك التي رست تستريح بعد سفر وتجوال.
تلك المعالم والتضاريس تعكس التنوع الفريد لطبيعة ومناطق المملكة التي تتنوع تبعا لها ثقافة الإنسان وطريقة عيشه ليتكيف مع طبيعتها وينفرد بلهجة يفهمها أقرانه وبحرف تناسب خيرات الطبيعة التي وهبه المكان، وبرقصات شعبية اختلفت من منطقة إلى أخرى في المملكة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها.
ملتقى ألوان السعودية صور هوية وطن بمساحة قارة في رقعة من المكان قد لا تتجاور بعض كيلو مترات على لوحات فنية أخذتها عدسات كاميرا المصورين أو لونتها ريشة التشكيليين لتسحر زائرها بهذا التنوع وهذه الروعة ومساحة اللون الهائلة التي تتنوع حسب طبيعة المنطقة وتضاريسها.
الشاب النشيط من هيئة السياحة والآثار ماجد آل حسنة الذي حرص على متابعة ضيوف الملتقى من كتاب الرأي في الصحف والإعلاميين والتأكيد على الحضور والاستقبال المهيب الذي استقبلنا به جعلني أشعر بالفخر بهذا الشاب والشريحة التي يمثلها ثم بالسعادة وهو يحتفي بنا ويمنحنا من الاهتمام والمتابعة التي تدل على حرصه ومهنيته، وإنه لجدير أن يشار بالمحبة والتقدير لدعوة بل دعوات هيئة السياحة والآثار وتنبهها لشريحة الكتاب والإعلاميين وما يدلل عليه هذا الحرص بهذه الفئة التي لها منصات تطل منها إلى المجتمع، بدءا من دعوتنا لحضور المؤتمر الصحفي لسمو أمير السياحة سلطان بن سلمان إلى حفل الافتتاح ثم الرحلات الشيقة والرائعة التي أعدتها هيئة السياحة والآثار للكتاب من زيارة المعارض بالمتحف الوطني إلى مخيم محمية الريم ومعالم أخرى.
نعم يمكن للسياحة الأثرية والتراثية في المملكة أن تكون سياحة عالمية يقصدها زوار المملكة من كل مكان وستكون الدهشة أكبر من المتوقع لغنى هذه الأرض الطيبة بالآثار والتراث وثقافة إنسانها، وسأترك لما تبقى لي من مساحة في هذه الزاوية لقصيدة كانت من وحي زيارتي للعلا الملهمة والتي شهدنا مؤخرا تشكيل الهيئة الملكية للعلا التي كانت أمل الكثير منا وهدفها تطوير العلا بما يتناسب مع قيمتها التاريخية ومحتواها الأثري.
إني هنا والقلب ينبض بي هناك
جسدي هنا والروح في رمٍّ تطير
بين الجبال الشاهدات على الذي
كتبوه أو رسموه في درب الحرير
نقشوا حديثَ القلب فوق صخورهم
ورسائلا وقصائدا خطت بنور
يستيقظ العبسيُّ من وجع الهوى
المسك لونه والتحايا له تمير
وجميل بثن في الغضا آثاره
ما خان عهدا أو تملكه الغرور
وعهود حبه لا يساومها المدى
يا ليت شعري نورسا بين الطيور
لا يظمأ القلب الندي من الهوى
وعلى امتداد بلادنا مجد يسير
في كل درب شاعر وحكاية
في كل فج حاضر باه مثير