د. محمد بن يحيى الفال
ليس من باب المبالغة بأي شكل من أشكالها القول بأنه لا توجد مدينة في عصرنا الحديث ارتبطت بشكل وثيق بشخصية مسئول كما هو الحال في ارتباط الرياض عاصمة بلادنا الحبيبة بشخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويعي هذا القول بكل تفاصيله الدقيقة كل من تجاوز الخمسين من العمر من المواطنين أو المقيمين أو من زار وعاش في الرياض ثم غادرها وعاد إليها بعد ذلك ليس بأكثر من ثلاثة عقود ليتفاجأ في كل مره يُحل فيها بتطورها في كافة المجالات، واتساع رقعة عمرانها والتي تجعلها بغير منافس فيما يتعلق بسرعة تطور المدن واتساع رقعتها مقارنة مع مدن العالم في عصرنا الحديث.فالرياض اليوم تشغل مساحة تزيد عن 1913 كيلومتر مربع وبأجمالي يزيد عن ستة ملايين ونصف المليون من السكان، وبمقارنة هذه الأرقام مع أرقام الرياض بالأمس والتي كانت مساحتها لا تزيد عن 40 كيلو مترا مربعا، وبعدد سكان لا يزيد عن نصف المليون في أحسن التقديرات، نرى مدى الجهد الذي تم وباقتدار ومهنية وشفافية لتصبح الرياض على ما هي عليه الآن من تطور لا تخطيه العين ويُشيد به القاصي والداني. ولم يكن لهذا التطور أن يتم لولا فضل المولى سبحانه وتعالى والذي قوض لها شخصية كشخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي تولى العمل في إمارة الرياض كنائب للأمير ثم أميراً للرياض لفترة أوليه لمدة تقارب السنتين وليقدم استقالته من منصبه، وليعود إليها مرة أخرى بعد ما يقارب الثلاثة سنوات من استقالته أميراً لها للمرة الثانية في رحلة حب وجهد وعطاء وعمل لم تعرف الكلل أو الملل، ولمدة تزيد عن العقود الخمسة ولينقلها إلى مصاف العواصم والمدن العالمية، وليترك مسؤولية إمارتها وهي في أزهي حللها وقدرتها على منافسة مدن وعواصم سبقتها في النشأة والتطور بعشرات السنين. لم يكن للإنجازات التي تمت في الرياض وذلك بعد فضل الله وتوفيقه أن تتم بدون أفكار وخطط واستراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ أشرف على أدق تفاصيلها وإنجازاتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والذي فطن وبحنكته الإدارية والسياسية المتراكمة بأن الرياض تحتاج لهيئة عليا وعمل مؤسسي لتنفيذ ما يخطط له من مشاريع تنموية مستدامة للنهوض بها، وعليه تم تأسيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وذلك قبل 45 عاماً، هيئة نقلت الرياض في اقل من خمس عقود لا تحسب في عمر المدن إلى مدينة عصرية بامتياز فيكل النواحي العمرانية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ولتستمر مهمة تطوير الرياض وكما خطط لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فاليوم يتولى سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز إمارة منطقة الرياض والتي تتبعها العاصمة، والذي أختاره الملك لهذه المهمة انطلاقا من سجله الإداري المتميز وحنكته ومقدرته في المضي قدماً بتطوير الرياض، ونرى ذلك جلياً من خلال نجاحه وبمهنية فائقة في كل المناصب التي تولاها و التي كان آخرها توليه إمارة منطقة القصيم. كان تطور الرياض دوماً محط إعجاب أنظار ساكنيها وزائريها ومتابعي وراصدي تطورها سواء من إعلاميين ومثقفين ووسائل إعلام أو مراكز بحوث واستطلاعات الرأي والتي كان آخرها الدراسة التي أجراها موقع بيت كوم والذي يعتبر أكبر موقع للوظائف في الشرق الأوسط، وجاءت نتائج الدراسة والتي تطرقت لها وسائل إعلام عالمية في نشراتها الإخبارية كقناة سي.إن.إن الأمريكية، وأجُريت الدراسة على فترة زمنية تناهز الشهر، من السادس من شهر سبتمبر 2017 وحني الثاني من شهر أكتوبر لتؤكد نتائجها بأن الرياض أفضل المدن للعيش في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بتفوقها في العديد من المعايير التي استندت لها الدراسة كانخفاض مستوى الجريمة، المساواة بين جميع الجنسيات القاطنة فيها، توفير الترفيه والأنشطة للأسر وتقبُلها للابتكارات الجديدة. يترقب الجميع وخلال الفترة القادمة انطلاق مترو الرياض ليضيف إليها حُلة جمال بهية ستزيد من بهائها وتطورها وجمالها، ولعل هذا الإنجاز الكبير يضع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، والاستشارية التشريعية كمجلس الشورى أمام مسؤولية مجتمعية كبرى آن الأوان لجعلها قوانين تُسن ليلتزم بها جميع أفراد المجتمع، وهو الأمر المتعلق بحماية المنشآت العامة من التعرض للتخريب والتشويه. فمن غير المعقول ولا المنطقي أن تُضخ المليارات من الريالات من الخزينة العامة للدولة لتجميل الشوارع وإقامة الحدائق العامة وتنفيذ مشاريع جبارة ومكلفة للنقل العام، ثم تترك هذه الإنجازات الكبيرة من غير تشريعات تحميها من يد العابثين والمستهترين، ومثال ذلك ما أوردته تقارير صحفية من تعرض الواجهة البحرية بمدينة جدة للتخريب والتشويه بعد عدة أيام فقط من افتتاحها للجمهور. وعليه فالحاجة ماسة كما لم تكن من قبل لإطلاق هيئة متخصصة لحماية المنشآت العامة، على أن تستند الهيئة على حزمة من القوانيالصارمة والملزمة التنفيذ لمواجهة أي تخريب أو تشويه للممتلكات العامة ومرتبطة بوزارة الداخلية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة كوزارة العدل ووزارة التعليم والتي يقع على عاتقها بالخصوص الكثير من المسؤولية لتكثيف جهودها لتنوير الطلبة بأهمية المحافظة على المنشآت العامة من خلال مادة التربية الوطنية، وهو الأمر الذي يُنفذ منذ فترة ولكن النتائج على الأرض تبث بأنه وليكتب لهذا الجهد أن ينجح فإنه لا مناص من إقرار القوانين اللازمة والرادعة لكل مخرب أو مشوه للممتلكات العامة.