ياسر صالح البهيجان
خطوات تطوير القطاع التعليمي بالمملكة تسير بوتيرة متسارعة، وثمة تحولات إيجابيّة لا يمكن غضَّ الطرف عنها سواءً من حيث البيئة التربوية أو طبيعة المناهج وكذلك الوسائل التعليمية، ولكن التعليم في المحافظات والقرى البعيدة عن المدن الكبرى لا تزال تواجه تحديات جمّة تطال أهليّة المنشآت ومحدودية الكوادر التعليمية، ووعورة الطرق المؤدية إلى المدارس، وصعوبة توفّر النقل المدرسي الآمن.
المنشآت التعليمية في القرى البعيدة عن المدن الرئيسية لا ترتقي إلى المستوى المأمول، كثير منها لا تخضع للصيانة الدورية، ما جعل مرافقها الخدمية مترهلة ومتهالكة، فضلاً عن غياب المعامل العلمية المتخصصة والصالات الرياضية الملائمة، ومعاناتها من ضعف شبكة الإنترنت فيها وانقطاعها المتكرر، وجميع تلك العوامل تنعكس سلبًا على تأهيل الطلاب معرفيًا ونفسيًا وبدنيًا، إذا ما علمنا بأنّ تكامل المنشأة ومرافقها يُعَد أولى لبنات أي عملية تعليمية ناجحة.
كما أنّ معظم المعلمين ينفرون من التدريس في تلك المنشآت التعليمية النائية، بسبب غياب الحوافز الكافية التي تجعلهم يتحملون حجم المشقّة جرّاء ابتعادهم عن أسرهم، ويتقاضون المرتب ذاته لمن يمارس التدريس في المدن الكبرى، رغم عدم تكافؤ الظروف في البيئتين التعليميتين، لذا قد تخلو بعض المدارس في المحافظات والقرى من مدرسين في مواد علمية دقيقة، وقد يُجبر مدرس اللغة العربية أو الدين على تدريس الرياضيات أو الفيزياء لإتمام المنهج بطريقة عشوائية تضر الطلاب وتحرمهم من تلقي التعليم بكفاءة وجودة عاليتين.
والحديث عن وعورة الطرق وخطورتها ذهابًا وإيابًا من المدرسة النائية لا يكاد ينقطع، بعض الطرقات لم تصلها السفلتة، والأخرى ذات مسار واحد تسير فيه الشاحنات والسيارات الصغيرة جنبًا إلى جنب، فضلاً عن غياب اللوحات المرورية الإرشادية، إلى جانب محدودية النقل المدرسي الآمن والمؤهل لنقل الطلاب، وكل ذلك لا يهدد سلامة العملية التعليمية فحسب، وإنما يطال تهديده أرواح الكادر التدريسي والطلابي على حد سواء.
التعليم حق لجميع أفراد المجتمع مهما كان موقعهم الجغرافي، والحكومة أولت القطاع التعليمي أهميّة كبرى، وخصصت له مبالغ ضخمة من ميزانيتها السنويّة، وتبقى على وزارة التعليم العمل الجاد على دراسة أوضاع المدارس البعيدة عن المدن الكبرى، ووضع حلول عاجلة للنهوض بها والارتقاء بمستوى جودتها لتنتج أجيالاً مؤهلين لبناء وطنهم وتطويره.