أ.د.عثمان بن صالح العامر
من قبل كنّا نعيب على الأقوياء الغطرسة واستعراض مكامن التأثير لديهم، وفتل عضلاتهم وتبجحهم بقواتهم التي يملكون تحت أيديهم، ويعتقدون أن لهم مطلق الحرية في تصريفها وتوظيفها فيما يحقق مصالحهم الآنية والمستقبلية، دون مراعاة ولا اعتبار لحقوق الإنسان والأوطان، واليوم تجاوز الحال هذه الفئة حتى صرنا نسمع ونرى ضعفاء مساكين منفوخ فيهم ومغرر بهم دولاً وأشخاصا يتحدثون لغة الكبار، ويقولون من الكلمات ما قد لا يعرفون ماذا تعني في قاموس السياسة ولدى المختصين، أو أنهم يعرفون ولكن راقت لهم اللعبة واستسهلوها دون أن يدركوا حجم تبعاتها يوماً ما، ليس عليهم كساسة وقياديين فحسب، بل على أتباعهم ودولهم قبل غيرهم، ومن حال قطر عنا ببعيد.
لقد كان العرب يقدرون الكلمة ويزنونها قبل أن يتفوهوا بها، ومن المجزوم به أنهم ينزلون الناس منازلهم، ويعرفون متى وكيف وأين ولمن يتكلمون، وبأي بيان
يفصحون، واليوم صرت تسمع من العرب والمجنسين ومن في حكمهم عبر القنوات الإعلامية، وتقرأ في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية والورقية تصريحات رسمية وتغريدات شخصية تثير لديك ألف سؤال وسؤال، ترى هل هذا المتحدث والكاتب يعي مايقول، وهل هناك من يصدقه في قيله حتى يجرؤ على قول ما قال؟؟!!!.
لقد تداول التويتريون الاثنين الماضي خبر هلاك محمد علي الحوثي الشخصية الحوثية الثالثة عقب زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، ورئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى صالح الصماد، وأرفق البعض منهم مع هذا الخبر شيئا من تغريدته التي تعطيك مؤشرا حقيقيا على بجاحة وتطاول هؤلاء المأجورين الذين يظنون أن الناس بسطاء التفكير محدودي الإدراك إلى هذه الدرجة من الغباء.
إن هذا النوع من التضليل والتطبيل والغطرسة المتناهية التي لا تقف عند حد ولا تقتصر على هذا الهالك، بل تتعداه إلى مساحات أوسع وأشخاص أكثر وتيارات وجماعات ودول وقنوات - لن يغير من الحقيقة شيئا فالشمس لا تحجب بغربال، ولكن ما يحز في النفس أن يجد هؤلاء من يصفق لهم مستفيداً منهم، أو أنه للدمار والخراب أراد.
بلادنا المملكة العربية السعودية ولله الحمد والفضل والمنة خادمة الحرمين الشريفين وحامية لواء الإسلام والمدافعة عن حقوق العرب والمسلمين وحصن الدين الحصين أسمى وأعلى من أن ينال منها أو يحرك فيها شعرة أمثال هذا الصراخ والضجيج الذي لا يضر إلا بصاحبه، يأتي عليه فيقتله.
إن هؤلاء يتغطرسون وهم لاشيء في موازين القوى العالمية بل حتى الإقليمية وحالهم كالعائل المستكبر الذي ذمه رسول الإسلام، والشرع والمنطق يقولان لمن بقي من العقلاء أقول العقلاء الذين يعرفون ولو شيئا من الحقيقة أن يتداركوا أمر بلادهم ويحقنوا دماء أهليهم ويبعدوا السفهاء المتغطرسين عن ديارهم وأراضيهم حتى يسلم ما بقي من أرض اليمن من لوثة الخراب وفوضوية الدمار، ويعود هذا الجزء الغالي من بلاد العرب كما كان سعيدا،ً وإلا فغطرسة الأُجراء لحزب الله ومن خلفهم الفرس الأنجاس - الذين لا يريدون بالمنطقة خيراً - ستكون وبالاً على هؤلاء الحوثيين مثلما هي على غيرهم داخل اليمن وخارجها.
إن صنائع الأعداء وأذنابهم، والطابور الخامس خلفهم تسود اليوم الصفحات اليمنية، وتشتت المجتمعات القبلية والحضرية، وتبدد الثروات والمقتنيات العامة والخاصة للأسف الشديد، والأمر لا ينتهي بهذا الهالك وأمثاله عند موته ومفارقته الدنيا، بل إن الأشد عليه حالما يجتمع الخصوم عند الله في محكمة الآخرة حينها {... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}. حفظ الله اليمن واليمنيين، ووقاهم شر غطرسة المأجورين المبتورين، وأعاد بلادهم سعيدة آمنة مطمئنة في ظل الشرعية الصحيحة، ونصر جندنا المرابطين في الثغور على الحدود وأعادهم إلى أهليهم سالمين غانمين، ودمت عزيزاً يا وطني في ظل قيادتنا الحازمة العازمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وإلى لقاء والسلام.