د. أحمد الفراج
العنوان أعلاه هو أكثر سؤال يُطرح عليّ، بحكم أني أكتب كثيرا عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي دخل البيت الأبيض بما يشبه المعجزة، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يتجاوز منتصف الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ولكنه استطاع أن يجندل مرشحي الحزب الجمهوري واحدا بعد الآخر، ثم يلحق بهم صاحبة الحظ الأقوى، وربيبة الدولة العميقة، هيلاري كلينتون، وأود هنا أن أوضح نقطتين بخصوص انتصار ترمب التاريخي، أولهما تتعلق بالإعلام الأمريكي، الذي وجد ضالته في مرشح مثير، وروج له بكثافة، ثم لما أدرك أن ترمب يكتسح الجميع، قلب له ظهر المجن، ولكن الوقت حينها كان قد فات، وقضي الأمر، والأمر الآخر يتعلق بالرجل، الذي كان له الفضل الأكبر في فوز ترمب، أي مستشاره الداهية، ستيف بانون، الذي قلب قواعد لعبة الانتخابات الرئاسية التقليدية، ونجح بذلك نجاحا باهرا!.
أعود الآن إلى السؤال الذي يردني باستمرار، وما يظنه البعض انحيازا لترمب، وأقول إن هذا غير دقيق، فمهمتي هي متابعة الأحداث وتحليلها، ومن ثم الاستنتاج والتعليق عليها بأمانة، وموقفي الشخصي من ترمب، سواء بتأييده أو معارضته، لا يهم، فهو رئيس أهم دولة في العالم، ورجل العالم القوي، الذي يتحكم بقرار أقوى قوة عسكرية عبر التاريخ، ويستطيع هز العالم بتغريدة أو تصريح، ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تزعم أنها ند للقوة الأمريكية الجبارة، سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي، وبالتالي فعندما أكتب عن انحياز الإعلام الأمريكي الواضح والفاضح ضد ترمب، على سبيل المثال، فإن هذا وصف وتعليق على حالة قائمة، وليس انحيازا له، ولا يمكن لأي معلق أن يزعم أن الإعلام الأمريكي يتعامل مع ترمب، كما تعامل مع أوباما، الذي لم يكتف الإعلام بتبجيله، بل تبرع بترقيع أخطائه، التي تسببت بكوارث كبرى، مثل الأزمة السورية!.
وأضيف هنا أن ترمب له أخطاؤه، وبعضها فادح، مثله مثل أي سياسي آخر، ولكنه أيضا سياسي مثير بطبعه، ويعشق الخصومات، كما أنه صريح وواضح، لا يجيد نفاق الساسة التقليديين ولا كذبهم، والإعلام لم يتعود على مثل هذا النموذج من الساسة، ويكفي أن الحرب الإعلامية الشرسة عليه لم تستطع إثبات أي تهمة عليه، ناهيك عن إسقاطه، كما يحلم اليسار الغربي، وعلاوة على ذلك، فإن ترمب استطاع مؤخرا أن ينتصر انتصارا ساحقا على خصومه، بعدما تمكن من التوقيع على قانون الضرائب الجديد، بعد أن وعد الناخبين بأنه سيفعل ذلك قبل نهاية عامه الأول في الرئاسة، والخلاصة هي أن المحلل أو المعلق يتابع الأحداث، ويربط بينها، ثم يحلل ويستنتج عطفا على ذلك، وليس للعاطفة أي دور في ذلك، سواء تعلق الأمر بترمب، أو بأي شأن سياسي آخر!.