مها محمد الشريف
الصحف منابر الإعلام التاريخية، ولغة الوعي المجتمعي المبكر، تصدر الصحف عن مؤسسات إعلامية ذات مهنية عالية واحترافية رفيعة وخبرات تراكمية هائلة وتعظم أهميتها من كونها مصادر للخبر الأكثر ثقةً، ودعمها في معيار الثقافة يعني دعم الوعي وتعزيز النمو في كل مسارات التنمية، وقطاع الإعلام وصناعته هي القوة الناعمة والفاعلة في تغيير سلوكيات الناس، والتاريخ يحتفظ بالعديد من الشواهد على دور الصحافة في الأزمات التي تمر بها الشعوب، وبلادنا نموذج من دول العالم التي صنعت صحافتها الكثير من المنجزات وفي مقدمتها.
القضايا السياسية، فقد أثبت إعلامنا وصحفنا قدرتهما في تناول أزمة قطر وحرب اليمن فكانتا هي الأكثر مهنية وقوة سواء في الطرح أو نشر الأحداث على نطاق أوسع وأشمل.
وبعد هذه المقدمة نقول وبكل ثقة أن الصحافة ما زالت تحتفظ بوهجها وقيمتها من حيث الاستمرارية رغم تراجع مبيعات الصحف الورقية في العالم والمملكة لعدة عوامل نرى أن من أهمها قلة الدعم المالي، وتأثير شبكات التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، ووجود الصحف الإلكترونية.
وفي خضم هذه المؤثِّرات الديناميكية في الإنجازات العلمية وتكنولوجيا العلم وثورة الاتصالات يظهر من يشكك في مستقبلها ويرى صعوبة صمودها طويلاً، وما نقلته لجنة الصحافيين القلقين في الولايات المتحدة حول كيفية تدارك النتائج. السلبية استطاعت أن تملك ضرباً خاصاً من السيطرة على مخاوف المستقبل. وهذه اللجنة عبارة عن تجمع أسسه الصحافيون والناشرون، ومالكو الصحف والأكاديميون في الولايات المتحدة القلقون على مستقبل الصحافة.
وفي الحقيقة هذه المجموعة تقوم بتشجيع النقاش بين الصحافيين بشأن المبادئ الأساسية للعمل الصحافي. وتنهمك عادة بما تروم أهدافها الأساسية في توضيح وتجديد إيمان الصحافيين بالمبادئ الجوهرية ووظيفة الصحافة للمؤسسة التي يعملون بها؛ وخلق فهم أفضل لتلك المبادئ لدى الجمهور، وإشراك المالكين والمديرين في مجال الإعلام؛ وإبلاغهم عن قيمتها المادية والاجتماعية ومناقشة الأوضاع المالية من حيث قيمة الدخل والمصروفات، وخلقت هذه الشبكة عدداً من المحترفين في الولايات المتحدة وأقامت المنتديات وأجرت عمليات استطلاع ونظّمت ورش العمل ونشرت الدراسات.
من هنا تكون العلاقة بين الكاتب والصحفي والمراسل والإدارة متكاملة وعلى اطلاع دائم بالظروف والمستجدات، ولعل الأفضل مناقشة المشكلات منذ بدايتها قبل أن تفقد القدرة على نسج الخيارات، لأن الأسباب تبدأ من حيث بدأ العجز، فالحاضر يفرض مشاركة إستراتيجية بين كبرى المؤسسات والشركات الربحية على سبيل المثال شركة الاتصالات ومستقبل الصحافة، وبكل تأكيد نعزو تراجع وتوزيع الصحف إلى قلة الدعم المالي، ولو أن هناك اجتهادات فردية ترسم خطوطاً مستقبلية تستدعي وقفة قطاعات حيوية متعددة تساند هذه التحولات وثورة الاتصال بأهداف وغايات لا تخشى الأفول برؤية فجائية.
حسبنا إذن هذا القدر من الخسائر في الاستمرارية والمشاركة في هذه المسؤولية للعمل على تحويل المكتسبات وتوظيفها بما يتفق وحاجة الصحافة من الدعم، فالإعلام مرآة الدول ومفهوم من مفاهيم التطور والتقدم وإيقاظ الاستعداد يثري المقاصد بالنجاح، فتكنولوجيا الإعلام الجديد ربطت بين العلم والتقنية ولم تلغ وسائل الاتصال القديمة، بل طورتها وتصدرت المشهد العام للجماهير، وارتفعت مستويات الإدراك والوعي الإنسانيين ونشوء علاقة قوية بين الفرد والخبر ومصادره مما ساهم في تطويرها وتوظيفها بشكل تكاملي في العصر الصناعي، واليوم التقدم التقني لم يقتصر على الدول الغنية والعظمى فقد أصبح الإنسان جزءاً لا يتجزأ من نظامها، حيث أصبحت هذه الوسائل تتسم بالطابع الدولي . وعلى نحو متواز مع التقنيات الحديثة.
الدولة تعيش تطوراً مذهلاً وخططاً مستقبلية ضخمة تحتاج لإعلام قوي ومؤثِّر على كافة الأصعدة مرئية ومقروءة ومسموعة، وإعلام يؤدي وظائفه كاملة في إطار ثقافي وتاريخي وحضاري يرسم ملامح العصر الذي نعيشه بما يواكب رؤية 2030 في عصر المعلومات الذي يحتم تنشيط هذه الفعالة لتقديم نمط إعلامي مميز يختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامية المعتادة.