سعود عبدالعزيز الجنيدل
تتعدد صور الإقصاء في مناحي الحياة المختلفة، يصعب رصدها جميعًا، ولكني ارتأيت نموذجاً، قد يكشف النسق الذي يختفي خلفه أصحاب هذا النموذج، سأحاول في هذا السياق، والمقام سبر غوره، وتسليط الضوء على هذا النموذج الذي أطلقت عليه «نموذج الموظف المقصى».
أستطيع القول: إن «الموظف المقصى» يعاني كثيراً، لأنه يرى نفسه يستحق مكانة أو تقديراً من قبل مرؤوسيه، وفِي الوقت ذاته، تشعر بالكره، والحسد ينبعث منه تجاه الآخرين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في إقصائه، بل خلاف لذلك، زملاؤه بريئون من عملية الإقصاء براءة الذئب من دم يوسف.
وهذا النموذج « الموظف المقصى» له علامات، وسمات يستطيع الحاذق إدراكها، ومن بين تلك السمات:
*عدم الرضا عما يحصل داخل نطاق العمل.
*انتقاد الرؤساء، والتقليل من مهاراتهم، والانتقاص من قدراتهم.
*التشاؤم من مستقبل الكيان أو الجهة التي يعمل فيها.
*تذكر السنين السابقة التي كان يرى نفسه مقدراً، ومهماً في نظر رؤسائه السابقين.
*الهجوم على الزملاء، والتقليل من شأنهم، ومحاولة إحراجهم أمام الآخرين.
*محاولة إشعال الفتيل بين الزملاء.
*عدم تصديق ما يقال له، ويأخذه بنية سيئة.
سأكتفي بتلك العلامات، التي قد لا ترى كلها في «النموذج المقصى»، إذ يبرز بعض هذه الملامح، أو يطغى أحدها على الآخر.
ومن وجهة نظري أن « النموذج المقصى» ضحية، نعم ضحية لرئيس معين، أو لخطأ ما ارتكبه وأصبح هذا الخطأ لاصقاً به، لا ينفك عنه، وقد يكون مبدعاً، متميزاً، لكنه لا يُذكر إلا بخطئه، ولا يعرف إلا به، وكأنه ذنب يعيش جل حياته حاملاً له، وهو بمثابة الغريق الذي يحتاج إلى انتشال، من النمط الذي وجد نفسه مقيداً به.
ولي حقيقة وقفات مع هذا النموذج، تتمثل في بعض التوجيهات:
*لا يعني ارتكابك خطأ ما، أن هذا يدل على نهاية مشوارك المهني.
*دخولك في نمط الإقصاء يستلزم منك مهارات عالية، وشخصية قوية حتى تستطيع الخلاص منه.
*انظر لبقية الزملاء نظرة عدل، ومحبة، فهم لا لم يضروك، فلا تحاول إلحاق الأذى بهم.
*حاول إقناع نفسك بقدراتك، ومهاراتك، بعدها اقنع الآخرين.
*لا ترم المنديل أبدا، ولا تستسلم، فالمشوار ما يزال في أوله.
*لا تنظر للآخرين على أنهم سرقوا إنجازاتك أو مكانتك، فكل ميسر لما خلق له.
ودعني أهمس لك بكلمة أخيرة:
« تكسير مجاديف الآخرين لن يزيد من سرعة قاربك».