عثمان أبوبكر مالي
كثيرًا ما ارتفعت أصوات جماهير رياضية في بعض الأندية الرياضية الكبيرة التي تعاني، خاصة من النواحي المالية، تحتج على أوضاعها، وتتذمر من أحوالها، وتنادي رجالاتها بأن يكون لها يد ودور في حل تلك الأوضاع، وترتفع أصوات بعض تلك الجماهير تطالب بأن تعطَى لها الفرص، وتُفتح لها الأبواب للمشاركة ماديًّا، والدفع بطريقة أو أخرى للمساهمة ولو جزئيًّا في حلحلة وفك الضوائق المالية التي تعاني منها أنديتها.
بالفعل.. جرت في السابق محاولات عديدة لإشراك الجماهير في حل مشكلات الأندية المالية بطرق مختلفة، منها - على سبيل المثال - شراء بطاقات الانتماء الخاصة للنادي (وهي غير بطاقات العضوية أو الجمعية العمومية)، وكانت تطرح بفئات متعددة، وخيارات عديدة، وأسعار متفاوتة، وتعطَى لها مزايا مختلفة وكثيرة، إلا أنها لم تجد الإقبال الكافي، ولم تنجح، بل لم تحقق الحد الأدنى المطلوب منها؛ ولذلك لم تستمر؛ وتوقفت جميعها (غالبًا). ولجأت بعض الأندية إلى أسلوب آخر، هو فتح حسابات خاصة في البنوك للتبرع للنادي (عندما كان ذلك مسموحًا نظاميًّا)، لكنها هي الأخرى لم تنجح، وأصابت من تحمسوا لها بخيبة أمل كبيرة. وقد يكون للتجربتين (عوائق) واضحة ومبررة، أدت إلى فشلها (المجال ليس متاحًا للحديث عنها)؛ ولذلك استمر بين وقت وآخر ظهور أصوات جماهيرية، تطالب بالفرصة لتقديم الدعم لأنديتها، خاصة الجماهير التي تعتبر نفسها (الراعي الرسمي للنادي).
هذه المطالب وضعتها الهيئة العامة للرياضة على المحك، عندما جعلتها (حقيقة ماثلة) من خلال (المشروع) الذي أُعلن عنه أول الأسبوع الجاري، بتدشين مبادرة (فريقي) التي تتيح لجماهير الرياضة (التسابق) نحو دعم أنديتها بمبالغ مالية وفق (آلية وضوابط محددة)، وبوسيلتين متاحتين جدًّا (رسائل نصية، والإيداع البنكي في الحساب الخاص للنادي). وكل ذلك يتم بسهولة، من خلال (ضغطة زر) في أجهزة الاتصال التي لا تكاد تفارق الأيدي على مدار الساعة.
بات اليوم بإمكان المشجع الرياضي المحب و(الراغب) في دعم ناديه، ولديه الإحساس بالمساهمة في مسيرته بدور إضافي مع التشجيع، أن يقوم بذلك، و(يوميًّا).. ولم يعد أمام أولئك الذين يبدون رغباتهم وترتفع أصواتهم مطالبين بالفرصة للمشاركة (عذرٌ)؛ فقد أصبح الأمر حقيقة متاحة، وبسهولة جدًّا. (فُتح السباق) على مصراعيه لكل الجماهير لكي تكون (الراعي الحقيقي) لأنديتها.. والميدان يا حميدان.
كلام مشفر
« مبادرة (فريقي) تتيح للمشجع دعم فريقه بإرسال (رسالة نصية لدعم ناديه بريال واحد يوميًّا). والمبلغ قد يراه البعض بسيطًا، لكن الفكرة تعتمد على جماهيرية النادي، ومدى استجابتهم ورغبتهم في المساهمة.
« ثلاثون ريالاً شهريًّا مبلغ قد يراه البعض غير مُجدٍ، لكن الوسيلة الأخرى تتيح لمن لديه القدرة والرغبة بأن يكون دعمه لناديه أكبر لمرة كل شهر أو كل عام أو كلما (بحبحت) معه؛ فالفرصة متاحة من خلال الإيداع في الحساب البنكي المباشر المعتمد، و(عمل قليل يدوم خير من كثير ينقطع).
« المهم في مبادرة (فريقي) أنه ليس مشروعًا يطلق ويترك للأندية أو متنفذيها التصرف فيها، وإنما - كما أعلن معالي رئيس الهيئة - ستُعلن المبالغ أسبوعيًّا، ومجالات صرفها ستتابَع من قِبل الهيئة، وستكون تحت السيطرة.
« عند كثير من الرياضيين ـ مع الأسف ـ مفهوم خاطئ عن النقد؛ فمن وجهة نظرهم إن (الناجح) لا يُنتقد؛ فهم يرون - مثلاً - أن الفريق الذي يفوز لا يُنتقد مدربه، بل إن هناك من يرى أن الفريق الذي (ليس لديه أدوات) لا يجب أن يُنتقد مدربه حتى وهو يخسر!
« ذلك مفهوم قاصر، بل (جهل مركب) للنقد (الحقيقي)؛ فالنقد هو أن تتفحص العمل (أيًّا كان)، وتحكم عليه.. وهو بالتعبير العملي (إظهار سلبيات (قرارات أو أفعال أو إبداعات) فرد أو مجموعة عمل، يظهرها الناقد من وجهة نظره.
« هذا يعني أن يأتي الحديث عن مواضع الضعف والخلل والهوان في العمل، والثغرات التي تؤدي إلى فشله، أو عدم اكتماله.. ومثل هذا العمل ليس مرتبطًا بوقت ولا بفوز أو هزيمة؛ فالفائز يُنتقد؛ لأن من المؤكد أن في عمله خللاً، والمهزوم يُنتقد لأن في أسباب هزيمته قصورًا أو أخطاء.
« من وجهة نظري إن الإنسان الذي ينتقدك وأنت تتقدم، وأنت تحقق النجاح، ويؤشر لك إلى مواضع الخلل والضعف، يكون أكثر قربًا وصدقًا ورغبة في أن تستمر وتنتشي وتواصل مسيرتك.
« ومن يمتنع عن انتقادك وأنت تنجح أو تفوز ربما ينتظر سقوطك؛ ليؤشر إلى مواضع الخلل والفشل والقصور، عندها سيكون فعله أكثر قسوة، وربما يكون (شماتة) وليس حبًّا، وقد يكون تشفيًا وليس إصلاحًا.